جمعية تربوية تدعو إلى عدم اعتقال التلاميذ وحبسهم بسبب الغش

bac2014_931156115

يتطلع آلاف التلاميذ، خاصة في مستويات الباكالوريا، إلى نتائج الامتحانات التي خاضوها قبل أيام خلت في مختلف مراكز الاختبار بالمغرب، وهي الامتحانات التي اتسمت بضبط العديد من حالات الغش، ومحاولات تسريب الأسئلة وتقديم الأجوبة، كما شهدت عقوبات زجرية غير مسبوقة.

حالة الاستنفار والطوارئ التي عرفتها امتحانات الباكالوريا لهذا العام انتقدها خبراء تربويون ينشطون في الجمعية المغربية لحقوق التلميذ، والذين اعتبروا أن امتحانات الباكالوريا تميزت بأجواء مشحونة لدى التلاميذ وأسرهم، بسبب قانون زجر الغش والإجراءات المصاحبة لها، مما جعل الهاجس الأمني يسيطر على الامتحانات.

وسجلت الجمعية، ضمن بيان توصلت به جريدة أرض بلادي، أن “الهالة والإجراءات التي تعطى للامتحانات لا تكون طيلة السنة لبناء التعلمات وضمان جودتها”، مضيفة أن “الوزارة، ومعها الحكومة، لا تتدخل في الوقت المناسب وبالجدية اللازمة لمعالجة مختلف الاختلالات البنيوية للتعليم”.

وذكر محمد الصدوقي، خبير تربوي عضو فاعل في الجمعية المغربية لحقوق التلميذ، عددا من تلك الاختلالات التي تفقد توازن المنظومة التعليمية بالبلاد، منها “الاكتظاظ، وهشاشة البنيات والتجهيزات والخدمات التربوية وعدم كفايتها، وعدم تكافؤ الفرص التعليمية، وسوء البرامج والمناهج ونظام التقويمات”.

المصدر ذاته شدد على أن “محاربة الغش يجب أن تكون على امتداد السنة، تربويا وزجريا، بما في ذلك الغش في بناء التعلمات”، مشيرا إلى وجود “مبالغة أمنية وقانونية كبيرة أفقدت الامتحانات خصوصياتها التربوية، بينما كان يجب تكثيف الإجراءات التربوية والبيداغوجية المصاحبة للامتحانات”.

وعلى صعيد ذي صلة، أوردت جمعية حقوق التلميذ أن “هناك غيابا لتكييف الاختبارات الإشهادية للسنة الثالثة ثانوي إعدادي مع خصوصيات الأطفال ذوي الإعاقة وذوي اضطرابات التعلم، مما يعد مسا بحقوق المتعلمات والمتعلمين ذوي إعاقة، وبالمكتسبات الحقوقية المحققة”.

الجمعية أشارت إلى أن ذلك يتنافى مع مختلف المرجعيات الدولية والوطنية، وخاصة الفصل 34 من الدستور والاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة والقانون الإطار المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والمذكرة الوزارية 13.97 الصادرة بهذا الشأن.

وسجل المصدر أن جل أسئلة الاختبارات لا يتم بناؤها حسب مقاربة الكفايات؛ حيث تستهدف المعلومات المباشرة والذاكرة فقط، مبرزا أن “الغش ينشأ بسبب هيمنة الطرق التقليدية في بناء أسئلة الامتحانات، والكم الهائل للمواد والدروس والمقررات والبرامج الدراسية، وغياب تربية قيمية فعالة”.

وأوضح التربويون أن “المطلوب هو تفعيل البيداغوجيات الحديثة في بناء التعلمات والتقييمات الإشهادية التي تستهدف فعالية التلميذ الذاتية، من مهارات وإبداع وقدراته العقلية العليا، ومن تحليل ومقارنة وتقييم ونقد؛ حيث من المهم ترك الحرية للتلاميذ في استعمال مختلف المراجع المعرفية دون اللجوء إلى حفظها”.

وأبدت الجمعية رفضها اعتقال التلاميذ وحبسهم، “نظرا لخصوصياتهم العمرية التي تتسم بعدم النضج والوعي بخطورة أفعالهم”، معتبرة أن ذلك سيشكل خطرا على مستقبلهم الشخصي والاجتماعي والمهني، داعية إلى الاكتفاء بالعقوبات التربوية فقط، كما وردت في قانون زجر الغش.

وطالب التربويون وزارة التربية الوطنية، التي يشرف عليها رشيد بلمختار، بالتحرك بالجدية نفسها والفعالية ذاتها طول السنة، وليس خلال الامتحانات فقط، “للقيام بإصلاح حقيقي وفعال ومعالجة مختلف اختلالات المنظومة التربوية البيداغوجية والبشرية واللوجستيكية والتجهيزية والتدبيرية والحقوقية”.