جريدة أرض بلادي_الحسين اكضى_
تمر كل سنة بمنطقة ايت اسكوكو ذكرى مقاومة قبائلها للاستعمار الفرنسي في معركة عنيفة ثاقا ايشيعان 18 ابريل 1920 م ، و لا احد أشار ولو بسطر إلى ذكرها في زمن كثرت فيه وسائل الاتصال السمعية و البصرية ….و في زمن حققت فيه كتب و أنجزت فيه أطروحات و بحوث و مقالات كلها عرفت بهذه الملحمة التاريخية ( ) هل أصيبنا بنسيان الذاكرة الجماعية ؟ أم أصبحت ذاكرتنا تمجد لأشباه الرجال الذين عبثوا بتاريخنا الراهن ؟ فالذاكرة ارث رمزي و طني و هي جزء لا يتجزأ من حضارتنا وهويتنا و تاريخنا ، و معناها كل الملاحم البطولية و التضحيات الخالدة التي سجدها أجدادنا الذين أبانوا عن روح وطنية و بطولات في مقاومة الاستعمار الفرنسي ، لماذا لا نفتخر و نعتز بذاكرتنا الممتدة عبر تاريخ عريق و ليس ممتدة من الدخول الأجنبي في القرن 20م ؟ بل علينا حمايتها و الحفاظ على مسارها و استثمارها في توظيفها في الحاضر و المستقبل في إعادة الوضع المتأزم الحالي الذي لا تعرف فيه أجيالنا الحالية إلا ذاكرة مبتورة إلى وضع سوي يكون فيها للذاكرة دور كبير و محفز أساسي لما هو في الحاضر و ما سيأتي في المستقبل .
من حقنا أن نفتخر بتاريخ أجدادنا ليس فقط في كفاحهم من اجل الاستقلال و لكن ساهموا بعده في بناء مغرب جديد تسود فيه التعددية في الوقت الذي كان يهيمن فيه حزب وحيد اي حزب الاستقلال ()
و لنعود بشكل مقتضب إلى ذكرى 18ابريل لمعركة ثاقا ايشيعان 1920م التي وقعت بين قبائل ايت اسكوكو التي تضم آنذاك أربعة فصائل ( ايت سيدي عبد العزيز ، ايت سيدي علي ، ايت سيدي لعربي ، و اعامين ) بموقع يطل على نهر ام الربيع ثاقا ايشيعان و قد و صفها B.BELOT() “كان القتال ضاربا ، و بشكل منقطع النظير . ففي هذه المعركة وصلت فيها المجابهة الى مستوى الاشتباك بالأجسام . كان الإنسان يستطيع أن يشاهد الزيانيين و هم يحاولون الاستيلاء على مدفع رشاش عن طريق مهاجمة اعدائهم بالخناجر”
و كانت من أسبابها المباشرة اختطاف القوات الفرنسية لنساء من دواوير ايت اسكوكو كورقة ضغط للخضوع ( اصوبر) القبائل في مشاهد دراماتولوجية من خلالها يمكن لأبناء ايت اسكوكو من الجيل الحالي توظيف الذاكرة لإبداع في كتابة سيناريوهات لأفلام و مسلسلات و روايات و قصص قصيرة للأطفال بعيدا عن تغريبهم ، فمثلا من خلال المشهد الدرامي اغتيال الاكليد الامازيغي بطليموس من طرف الإمبراطور الروماني كليكولا 40م حيث كان الاغتيال بدافع الغيرة لما كان عليه اكليد بطليموس من ابهة و رونق لباسه الارجواني حينما تم دعوته من طرف هذا الأخير لحضور لحفل الانتصار و من هذه المشاهد التاريخية وظفها الكاتب الكبير حسن اوريد لإبداعه الرواية الجميلة سيرة حمار ( اغيول ورغ ) .وتزاد المشاهد الدارامولجية التي لم تنساها ذاكرة الجماعية لايت اسكوكو لمعركة ثاقا ايشيعان في قصة غريبة لجندي من قبائل ايت اسكوكو دخل في صفوف المجندين الفرنسين من منطقة دكالة في اوائل القرن 20م أدت غيرته و انتمائه (علال الدكالي او الشاوي ) الى فك اسر هاته النساء المحتجزات في ثكنة افود لجامع بمريرت . و قصة هذا البطل المغوار الذي سوف اخصص له مقالا تشبه للثائر الامازيغي تاكفاريناس بحيث تجمعهما صفة الغيرة و الانتماء بحيث الثاني كان جندي برتبة سامية في الجيش الروماني و ثار ضدهم لما رأى ما كان يتعرض له الامازيغ من استعباد و ظلم و الأول مجند في القوات الفرنسية و لا تعرف رتبته و لكن حركته الغيرة لما تعرضت لهن نساء من نفس أصله وثار ضدهم .
و اختم موضوعي هذا بأية قرآنية ” وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين ..” أقول من خلال الذاكرة لمثل هذه الإحداث التاريخية العظيمة نبني حاضر و مستقبل أجيالنا على قيم أجدادنا الدينية و الإنسانية .