أجواء راقية واعتناء نفسي متميز في أول أيام الامتحان الموحد للمستوى السادسة ابتدائي

     تحرير: نصيرة بنيوال – جريدة أرض بلادي

                    وجدة – 23 يونيو 2025

       بمدرسة المنتزه البلدي ـــ وجدة أنكاد

في أجواء اتسمت بالانضباط، والهدوء، والعناية التامة بالجوانب النفسية والصحية، اجتاز تلاميذ السنة السادسة ابتدائي بمدرسة المنتزه البلدي بوجدة أنكاد أول أيام الامتحان الموحد الإقليمي، حيث بلغ عدد الممتحنين 120 تلميذا وتلميذة، خصصت لهم المؤسسة كل شروط الراحة والترحيب لضمان تركيزهم وتخفيف الضغط عنهم.

وقد صرّح السيد محمد الدرويش، مدير المؤسسة، أن الأجواء العامة كانت جد إيجابية، حيث مرت الامتحانات في ظروف جيدة ومنظمة، رغم ارتفاع درجات الحرارة التي تعرفها المدينة هذه الأيام. كما بادرت الإدارة إلى توفير عبوات المياه المعدنية لكل التلاميذ، واستقبالهم بالتمر في مدخل المؤسسة، في لمسة مغربية أصيلة ترمز للترحاب وتبعث على الطمأنينة، خصوصا في مثل هذه اللحظات المفصلية.

وقد تم اختيار التمر والماء تحديدا لفوائدهما الغذائية المعروفة، فالماء ضروري للتركيز والترطيب، بينما يحتوي التمر على عناصر طاقية طبيعية تساعد على تحفيز النشاط الذهني والبدني. كما أن هذه المبادرة حملت في طياتها بعدا توعويا بأهمية التغذية السليمة ودورها في التحصيل الدراسي.

وفي ذات الإطار، صرحت الأستاذة فريدة سراج بما يلي:

“اليوم 23 يونيو وهو أول أيام الامتحان الإقليمي الموحد الخاص بالمستوى السادس ابتدائي.

استقبلت مدرسة المنتزه البلدي متعلميها لاجتياز الامتحان في أجواء مفعمة بالتشجيع والتوجيه والمصاحبة، وبدعم من جمعية أمهات وآباء وأولياء الأمور كعادتها.

كانت فترة التمرير الصباحية الأولى خاصة باللغة العربية والتربية الإسلامية  ، حيث استحسن الأطر والممتحنون على السواء نوعية الأسئلة والنص المقترح والتدرج السلس لكل مكون. كما كان الوقت المخصص لهذا الامتحان يتلاءم ومدة الإنجاز.

ثم اجتاز المتعلمون بعدها امتحان اللغة الفرنسية، وهو كذلك لم تسجّل عليه أية ملاحظات سلبية.“

وهكذا مر اليوم الأول، ونتمنى كفريق تربوي أن يمر اليوم الثاني المخصص لامتحان الرياضيات في أحسن الظروف كذلك، ويوفقنا جميعا في مواكبة المتعلمين والسهر على تسيير هذا الاستحقاق في أحسن الظروف.

كل التوفيق والنجاح لفلذات أكبادنا في ربوع وطننا الحبيب.

هذا وقد أكد السيد المدير  أن العناية بالجوانب النفسية أمر لا يقل أهمية عن الجوانب الإدارية والتنظيمية، نظرا لدور العامل النفسي في تحفيز التركيز واستدعاء المكتسبات.

كما أشاد الأساتذة الذين أشرفوا على الامتحان بجودة المواضيع وتوازنها. فقد أكدت الأستاذة فاطمة السحمودي ، أن اختبار الفرنسية كان في المتناول وذو بعد تربوي رصين، إذ جمع بين ما ورد في مقرر اللغة الفرنسية ومفاهيم تم تناولها في النشاط العلمي، لا سيما حول الطاقات المتجددة، وهو موضوع يحظى باهتمام كبير في السياسات العمومية والمجتمع المدني، ويتداول كثيرا عبر المنصات الرقمية، ما يوفّر للتلاميذ أرضية معرفية متينة.

أما بالنسبة لاختبار اللغة العربية، فقد أشاد به الأساتذة:

مصطفى بنحمزة، مصطفى بلعياشي، مصطفى الشاوي، عبد الرحيم الدوحي، عبد الحفيظ كركري، خالد ميري، نزهة التوحني، حياة سعيدة المخفي، نور الدين خونة… حيث أكدوا أنه كان في متناول التلاميذ، من حيث الموضوعات والمستوى، لا سيما التعبير الكتابي الذي كان حول كتابة رسالة إلى صديق يستحضر فيها التلميذ ذكريات ومغامراته مع صديقه داخل المدرسة. وهو موضوع يربط التلميذ وجدانيا بفضائه المدرسي، ويحفزه على التعبير بحرية وعفوية.

وفي تصريح له، عبر التلميذ حمزة الجرودي عن ارتياحه للأسئلة، قائلا:

“الامتحان كان جيدا، ويتطلب فقط تركيزًا. شكرًا لأساتذتي الذين رافقونا طوال السنة، على جهودهم وصبرهم، وكذلك الأطر الإدارية الذين وفروا لنا الجو المناسب لننجح.”

خارج أسوار المؤسسة، كان أولياء الأمور – خصوصا الأمهات – في حالة ترقب، يدعون لأبنائهم، ويأملون أن يكون مستقبلهم مختلفا عن مسارهم الشخصي، خاصة من توقفت مسيرتهن الدراسية مبكرا.

وفي إطار الشراكة المجتمعية، أكد السيد عبد اللطيف مكروم، رئيس جمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، أن الجمعية تعمل دائما بروح جماعية ومواكبة دائمة لكل محطة تربوية، واضعا مصلحة التلميذ فوق كل اعتبار.

فيما أكدت السيدة حفيظة عباسي، العضوة الفاعلة، أن الجمعية تتكون من أعضاء متفانين لا يدخرون جهدا في سبيل إنجاح كل محطات الموسم الدراسي.

وننوه أيضًا بالفاعل الجمعوي السيد العزاوي على مشاركته القيمة.

كما كان للحضور الأمني والتنظيمي دور أساسي، إذ سهر عنصر الأمن المدرسي السيد مراد بوعسل على ضمان انسيابية الدخول وتنظيم فضاء المؤسسة.

 

وفي كلمة وجدانية، عبّرت الأستاذة إلهام حساين، من موقعها كأم و مربية أجيال ، قائلة:

“هؤلاء الأطفال هم أبناؤنا قبل أن يكونوا تلامذتنا. نحن لا نلقّن فقط، بل نرافق ونزرع الثقة، وننتزع الخوف من قلوبهم. المدرسة ليست جدرانا، بل حضن يربي، و يبني، و يحِب.”

من قلب النص… إلى عمق السؤال

ومن وحي هذه الكلمات الإنسانية العميقة، وانسجاما مع النص القرائي الذي جاء في مادة اللغة العربية في الامتحان، والذي ناقش التعليم الرقمي والمدرسة الافتراضية، تبرز إشكالية تربوية جوهرية تستدعي التأمل:

هل يمكن فعلا للتكنولوجيا الحديثة أن تكون بديلا كاملا عن المدرسة؟

هل يكفي التعلم عن بعد لصناعة إنسان متوازن، مرتبط بالقيم وبالغير؟

أم أن المدرسة، بما تحمله من دفء إنساني وتفاعل يومي، لا يمكن تعويضها بمنصة رقمية صامتة؟

بل لم لا نبحث عن توازن جديد؟

هل يمكن الجمع بين روح المدرسة داخل الأسوار، بكل ما تحمله من تحية العلم، وابتسامة المعلم، ورفقة صديق، وشغب تلميذ، وذاكرة قسم و مدرسة… وبين التطور الرقمي خارجها؟

وهل نستطيع تكوين مواطن رقمي معاصر، متشبع بالمعرفة، متوازن نفسيا، متجذر وطنيا، حامل لذاكرة جماعية وإنسانية، قادرة على مقاومة برودة العالم الافتراضي؟

إن هذه النصوص التربوية – كما في امتحان اليوم – ليست فقط مادة للقراءة، بل رسائل موجهة من داخل القسم، من قلب طفل كتب لصديقه رسالة مفعمة بالذكريات، ومن قلب أستاذة و مربية قالت: “هؤلاء أبناؤنا”.

فهل سنسمح للزمن أن يمحو هذا الدفء؟

أم سنُحسن استخدام التكنولوجيا كوسيلة تدعم المدرسة، لا كبديل عنها؟

بمثل هذا الحس التربوي الراقي، والتكامل المؤسسي والمجتمعي، تصنع المدرسة العمومية الحقيقية:

مدرسة تراعي نفسية التلميذ بقدر ما تعتني بمستواه الأكاديمي، وتبقي على روحها الدافئة رغم التحولات.

وما شهدته مدرسة المنتزه البلدي – وجدة أنكاد، في هذا اليوم الأول من الامتحان الموحد، هو تجسيد حيّ لرهان وطني نبيل:

الاستثمار في الإنسان أولا… والإنسان لا يبنى إلا داخل حضن اسمه “المدرسة”