استثمار الأدباء المغاربة للتراث .. استطلاع من إنجاز مصطفى لغتيري

جريدة أرض بلادي-هيئة التحرير-

 

لا شك في أن علاقة الأدب بالتراث علاقة راسخة ولا يجادل فيها عاقل، فالأدب – كما هو معروف-تراكم، ساهم فنه النص التراثي بقسط وافر، لا يمكن وحاهلع وتجاهل تاثيره في الأدب عموما. ووعيا منهم بأهمبة التراث، عمد الأدباء إلى توظيفه في نصوصهم من خلال استدعاء الشخصيات التراثية او الاحداث التراثية او على الأقل المعجم التراثي.

غير أن إشكال هذا التوظيف يطرح بحدة لدى الأدباء المغاربة، ومحاولة منا للفهم، طرحنا على بعض المبدعين الاسئلة لتالية:

هل استطاع الأدباء المغربي استثمار تراثهم الشعبي في إبداعات؟

لماذا ينفر الأدباء من الثقافة الشعبية ويتمسكون بالثقافة العالمة؟.

وكان أول من أجاب على هذه الاسئلة الأستاذ الطاهري نور الدين

الذي عبر عن موقفه قائلا” في رأيي، الأدباء المغاربة قد أظهروا قدرة ملحوظة على استثمار تراثهم الشعبي في إبداعاتهم الأدبية، ما يعكس ثراء هذا التراث وأهميته في تشكيل الهوية الثقافية المغربية. العديد من الأدباء يلجؤون إلى التراث الشعبي لاستلهام قصص وأساطير وموروثات تعكس الحياة اليومية وتاريخ المجتمع المغربي، مما يضفي على أعمالهم طابعاً محلياً وأصالة خاصة.

من جهة أخرى، قد ينفر بعض الأدباء من الثقافة الشعبية ويتمسكون بالثقافة العالمة لأنهم يسعون إلى الاعتراف الأكاديمي والدولي. الثقافة العالمة غالباً ما ترتبط بالأعمال الأدبية ذات البعد الفلسفي والنقدي العميق، والتي تُعزز مكانتهم في الأوساط الأدبية العالمية. إضافة إلى ذلك، قد يكون هناك تصور بأن الثقافة العالمة تمنح أعمالهم قيمة أكبر من حيث العمق الفكري والنقدي.”

أما الناقدة خديجة الحنافي فترى أن الكثير من الأدباء المغاربة الذين وظفوا التراث الشعبي ،ليؤكدوا للعالم بأسره على تشبثهم بهويتهم المغربية ،وتمسكهم بتقاليدهم وأعرافهم ،وافتخارهم بالانتماء لهذا الوطن الحبيب.غير أن عزوف البعض الآخر من الأدباء عن هذا الموروث الشعبي والثقافي ،جاء نتيجة انبهارهم بثقافة الغرب وتأثرهم بها ،فانكبوا عليها ونهلوا منها رغبة منهم في ولوج عالم الشهرة واوالعالمية.كما يمكن أن يكون لعامل الاستعمار دخل في فرض سيطرته على عقول الأدباء ،وشحنهم بالثقافات الأجنبية ،وبالتالي إبعادهم عن ثقافتهم وموروثهم.

بينما ذهب الأستاذ الطيب تشرين إلى أن قليلا من الأدباء المغاربة الذين تحدثوا عن التراث الشعبي المغربي، ولعل أبرزهم كانوا من الرعيل الأول، من الكتاب المغاربة كعبد الكريم غلاب في رواياته، وعبد المجيد بن جلون وصولا إلى شكري الذي كتب عن مدينته طنجة واحتفى بها كثيرا، وبالتالي بعادات أهلها وتقاليدهم. أعتقد أن الكتاب المغاربة الحاليون تتعدد مشاربهم وميولاتهم، وبالتالي أفكارهم. والسبب هو انفتاحهم عن العالم سواء من خلال ما يقرؤون، أو بسبب عيشهم خارج المغرب، أو عاشوا في الغربة، درسوا فيها مثلا وبقى تأثير ذلك عليهم .

فيما اعتبر الاستاذ عبد المالك حسنيوي أن هناك الكثير من الأدباء المغاربة من استثمروا التراث الشعبي ووظفوه في إبداعاتهم ، مثل استحضار الأمثال الشعبية في رواية أديب شاب اسمه أقرقر روايته “زنزانستان” ، حتى أنك تجد كل فصل من فصولها يستلهم مثالا أو حكمة كثيرا ما رددناها وسمعنا أجدادنا يرددونها .

واختصرت الأستاذة محو خديجة رأيها في قولها بأن

الاهتمام بالثقافة الشعبية بدأ من طرف بعض النقاد العرب حديثا،كالناقدة” نبيلةابراهيم” والتي قسمت الحكاية الشعبية،سبعة انواع ،بحيث أن هذه الدراسة كان فيها نوع من التشتت والخلط بين الانواع وعدم تحديد كل نوع على حدة،فيما قسم الناقد المغربي” مصطفى يعلى “الحكاية الشعبية الى أربعة انواع وهي:الحكاية الشعبية،الحكاية الخرافية ،الحكاية العجيبة والحكاية المرحة،و قد دافعا الناقدان عن الثقافة الشعبية ،وعن اطروحتهم،لاسيما أن الأدب الشعبي لايقل قيمة من الأدب الرسمي،فهو يتوفر على جميع خصائص الادب الرسمي،فيه خيال وإبداع،فالحكاية الشعبية تتوفر على خيال ومكان وزمان وشخصيات وشخوص وبناء سردي محكم من بداية وعقدة وانفراج…. وكذالك نجد فن الملحون الذي يضاهي الشعر العربي ،بإيقاعه وكلماته،لكن هذه الدراسات لا تزال في طور التاسيس،ولاشك ان البدايات تكون متعثرة،ونأمل أن تكون هناك التفاتة من نقاد آخريين،يعيدون للأدب الشعبي مكانته التي يستحقها.