بعد الجدل الواسع الذي دار في المغرب خلال السنة الماضية حول الإجهاض، وانتهى بتدخّل الملك وتكليفه وزيري العدل والحريات والأوقاف والشؤون الإسلامية ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإجراء مشاورات موسعة للوصول إلى حلّ متوافق بشأنه بين مكونات المجتمع، كشف استطلاع للرأي أنّ غالبية المغاربة ما زالوا ضدّ الإجهاض.
وكشف الاستطلاع الذي أنجزه مركز الأبحاث التابع لجامعة “Mundiapolis” بمدينة الدار البيضاء أنَّ 86 بالمائة من المستجوبين الذين أجابوا عن سؤال “هل أنت مع أم ضدّ الإجهاض؟”، قالوا إنهم ضدّ الإجهاض.
لكنَّ 86.5 بالمائة من المُستجوبين قالوا إنّ الإجهاض يجوز إذا تبيّن أنّ الحملَ يهدد حياة الحامل بالموت، وهي من بين الحالات التي نصّ مشروع القانون الجنائي على السماح فيها بالإجهاض؛ حيث نص الفصل 453 على أنه “لا يُعاقب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحّة الأم”، شريطة التقيّد بمجموعة من الشروط.
وبخصوص الإجهاض في حالة “زنا المحارم” عبّر 59.3 بالمائة من المستجوبين عن موافقتهم عليه، في حين أبدى 56.8 بالمائة موافقتهم بخصوص الإجهاض إذا كانت الأم لا تمتلك قواها العقلية، وقال 51.1 بالمائة إنهم مع الإجهاض في حالة هتك عِرض وحمْل قاصر، وعبّر 40 بالمائة عن موقفهم المؤيد للإجهاض في حال تبيّن أنّ الجنين يعاني من تشوه خلقي، بينما لم تتعدّ نسبة الذين أيّدوا الإجهاض في حالة الاغتصاب 37.4 بالمائة.
شفيق الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، التي تدافع بقوّة عنْ تخويل النساء حقَّ الإجهاض بشكل قانوني، لم يُخْف “صدمته” من الأرقام التي كشفَ عنها استطلاع الرأي، وقالَ تعليقا على هذه النتائج: “الدراسة أنجزت على الإنترنت، وهذا يعني أنها شملت، إلى حد ما، فئة ذات مستوى ثقافي معين، وهذا يعبر على أننا ما زلنا بعيدين حين نرى أن 86 بالمائة من المستجوبين يعارضون الإجهاض”.
وفي تحليله لنتائج الاستطلاع، قال الشرايبي: “حين نرى أن 40 بالمائة فقط هم الذين يؤيدون الإجهاض إذا كان الجنين يعاني من تشوهات خِلْقية، و37.4 بالمائة يؤيدون الإجهاض في حالة الاغتصاب، فلأنّ الأشخاص الذين ما زالوا يعارضون الإجهاض لم يعيشوا هذا المشكل ليشعروا بمعاناة النساء”.
بينما قال الناشط الحقوقي محمد العوني إنّ الأرقام التي كشفت عنها نتائج الدراسة “يجب أن تُؤخذ بنوع من الاحتياط”، وأضاف: “حين نطرح على الشخص سؤالا مباشرا ومجرّدا حول موقفه من الإجهاض، دونَ ربطه بتداعياته على صحّة الأم، سيجيب بأنه ضدّه، ولكنّ هذا الشخص نفسه حين تقول هل تقبل بالإجهاض حين يمس بحياة المرأة سيجيب بنعم”.
واعتبر العوني أنَّ تغيير موقف المغاربة من الإجهاض، والدفع بهم إلى قبوله، “يتطلّب عملا طويلَ النفس”، وفي السياق نفسه قال شفيق الشرايبي: “المواطن إذا لم يتمّ تحسيسه قبلا بموضوع خطورة الإجهاض، سيبدي رفضه حين تسأله هل هو مع الإجهاض أم ضده، ولكن حين يكون على علم بخطورته سيوافق”.
واستدلّ الشرايبي بلقاء قال إنهُ نُظم بمسجد محمد الخامس بمدينة طنجة تحت رعاية المجلس العلمي المحلي، “بعد نهاية مداخلتي، قلت لهم كانْتمنَّا تكون قلوبكم تقاست كيما كاتقاس قلوبنا كل نهار ملّي كانشوفو هاد المأساة اللي كاتوقع، ولم يكن هناك ولو شخص واحد أبدى معارضته للإجهاض”.