جريدة أرض بلادي _نصيرة بنيوال
في عالم يشهد تحوالت متسارعة على كافة ألصعدة ، تبقى الكلمة أحد أهم أدوات التأثير في المجتمعات ، إذ تعدّ الكلمة المن لصياغة َطوقة أو المكتوبة المحرك ألساسي للتغيير السياسي و الاجتماعي و الفكري فهي وسيلة أساسية
المواقف ، وتوجيه الرأي العام ، و صناعة ألحداث التي تشكل مسار التاريخ .
التأثير الحقيقي للكلمة ال يقتصر على الفرد ، بل يمتد إلى صياغة مستقبل جماعات وأمم . الكلمة الدقيقة و الموزونة
قادرة على تحديد السياسات ، توجيه القتصادات ، وحتى إشعال الحروب أو تحقيق السالم . في مراحل مفصليةمن
التاريخ ، كانت الخطب السياسية ، الوثائق الرسمية ، والتصريحات اإلعالمية ، أدوات حاسمة في تغيير المشهد الدولي .
واحدة من أبرز األمثلة التاريخية على قوة الكلمة ، خطاب ” لدي حلم ” لمارتن لوثر كينغ . لم تكن هذه الكلمات مجرد
تعبير عن األمل، بل كانت حافزا لثورة اجتماعية قلبت موازين القوى في الواليات المتحدة و أسست لحركة الحقوق
المدنية التي غيرت شكل المجتمع ألمريكي .
لقد ساهمت كلماته في إلغاء نظام التمييز العنصري و سن تشريعات تدافع
عن حقوق الانسان.
في العصر الحديث ، باتت الكلمة وسيلة استثنائية في عصر الاتصال الرقمي التغيرات الجذرية التي تشهدها و سائل
العالم و التكنولوجيا عززت قدرة ألفراد و المؤسسات على التأثير في الجمهور على نطاق واسع ما يكتب أو يقال اليوم في منصات التواصل الاجتماعي أو ينشر في الصحف العالمية يصل في لحظات إلى ماليين الناس ، ما يجعل كل كلمة محسوبة و لها وزنها .
قرارات الحكومات ، و حركات ألسهم في ألسواق العالمية ، وحتى االستراتيجيات
العسكرية ، تتأثر بكلمة مدروسة أو تصريح محسوب يُعلن في الوقت المناسب .
على الصعيد المؤسسي ، تعتمد الشركات الكبرى على قوة الكلمة في بناء عالماتها التجارية .
رسائل التسويق و الإعلانات ليست مجرد وسيلة لجذب العمالء ، بل هي جزء ال يتجزأ من استراتيجيات طويلة ألمد تهدف إلى ترسيخ
الثقة وبناء العالقات .
الكلمات المختارة بعناية في البيانات الصحفية ، تقارير ألرباح ، وخطابات القادة التنفيذيين ،
تسهم في تحديد مستقبل المؤسسات في األسواق العالمية .
وفي السياسة ، تتجلى قوة الكلمة في المفاوضات الدولية و التفاقيات التاريخية . الكلمات المكتوبة في المعاهدات و
المبادرات الدبلوماسية تحمل في طياتها مصائر شعو ٍب و أمم ، وتحسم مصير نزاعات استمرت لعقود. التالعب
بالمفردات أو اختيار الصياغة الدقيقة يمكن أن يؤدي إلى تحقيق السالم أو استمرار الصراعات .
لذلك، تعد الكلمة في جميع أشكالها سالحا حاسما في صياغة العالم الذي نعيش فيه.
كل خطاب أو نص يحمل في طياته القدرة على التأثير في العقول وصناعة ألحداث والعجب أن تُولي الدول و الشركات الكبرى أهمية بالغة لفن
الصياغة والتواصل ، فالكلمة ليست مجرد تعبير عن الأفكار، بل هي قوة تملك القدرة على تغيير الواقع و صناعة
المستقبل…