الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ 49 للمسيرة الخضراء : الوحدة الوطنية و التنمية المستدامة في الصحراء المغربية

 

ارض بلادي_تحرير /نصيرة بنيوال

 

في الذكرى التاسعة و الأربعين للمسيرة الخضراء، ألقى جلالة الملك محمد السادس خطابا شاملا يعكس الرؤية الاستراتيجية للمغرب نحو تعزيز وحدته الترابية و تنمية صحرائه. جسد الخطاب روح المسيرة و وفاء المغاربة للوحدة الوطنية، من خلال محاور رئيسية تبرز الأبعاد التاريخية، التنموية، و السياسية لقضية الصحراء المغربية، فضلا عن دور الجالية المغربية في الخارج، و تأكيد جلالته على تعزيز الشراكات الإقليمية و الدولية لتحقيق الاستقرار و الازدهار.

1. الشرعية التاريخية : علاقة البيعة و الولاء

أكد جلالة الملك أن الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، مستندا إلى روابط البيعة و الولاء المتجذرة بين سكان الصحراء و العرش العلوي . هذه الشرعية التاريخية ليست مجرد وثائق أو وقائع تاريخية، بل هي صلة عميقة تعزز شرعية المغرب في الحفاظ على وحدته الترابية، و تؤكد أن قضية الصحراء هي قضية وطنية غير قابلة للتفاوض.

2. النهضة التنموية و الاستقرار الإقليمي

تناول جلالة الملك مسار التنمية في الأقاليم الجنوبية، حيث شهدت الصحراء المغربية نهضة شاملة بفضل مشاريع اقتصادية و اجتماعية استراتيجية، أسهمت في توفير بيئة من الاستقرار و الأمان لأبناء المنطقة. و أكد جلالته أن الصحراء اليوم ليست فقط جزءا من التراب المغربي، بل هي نموذج للتنمية المستدامة و الازدهار الذي يعمل المغرب على تكريسه كركيزة لتعزيز الاستقرار الإقليمي.

3. تسهيل الولوج إلى المحيط الأطلسي

أوضح جلالة الملك أن بعض الأطراف تطمح لاستغلال موقع الصحراء المغربية كمنفذ إلى المحيط الأطلسي، و أكد أن المغرب لا يمانع في التعاون لتحقيق هذا الهدف ضمن إطار شراكات متوازنة. يقترح المغرب مبادرات تهدف إلى تسهيل وصول دول الساحل إلى الأطلسي، و جعل الصحراء جسرا بين إفريقيا و أوروبا عبر الأطلسي، بما يعزز التعاون الإقليمي و التنمية المستدامة.

4. محاولات التغطية على المشاكل الداخلية و استغلال قضية الصحراء

أشار جلالة الملك إلى أن بعض الدول تستغل قضية الصحراء المغربية للتغطية على مشاكلها الداخلية أو لتحقيق أهداف سياسية ضيقة، مؤكدا أن المغرب لن يسمح بأي تلاعب قانوني يمس وحدته الترابية و سيادته الوطنية. و ذكّر بأن التزام المغرب بقضاياه لا يمكن أن يكون على حساب سيادته، و أنه ماضٍ في الدفاع عن مصالحه الاستراتيجية.

5. الدعم الدولي و رفض الأطروحات المتجاوزة

أشاد جلالة الملك بالدعم الدولي المتزايد لمغربية الصحراء، خاصةً فيما يتعلق بمبادرة الحكم الذاتي التي يطرحها المغرب كحل واقعي ومنطقي. و أكد أن المجتمع الدولي قد تجاوز مرحلة الاستفتاء بعد صعوبة تطبيقه عمليا، ليبقى المغرب صاحب الشرعية في إدارة صحرائه، داعياً إلى الاعتراف بالواقع الحالي لصحراء آمنة و مستقرة تحت السيادة المغربية.

6. دور مغاربة العالم في تعزيز الوحدة الوطنية

ثمّن جلالة الملك جهود مغاربة العالم في الدفاع عن الوحدة الوطنية، موجهاً الحكومة إلى تلبية احتياجاتهم عبر هيئات جديدة. اقترح جلالته إنشاء هيئتين رئيسيتين:

مجلس الجالية المغربية بالخارج : هيئة دستورية مستقلة تقدم اقتراحات تعكس تطلعات الجالية المغربية.

المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج : هيئة تنفيذية تعمل على التنسيق بين الجهات المعنية لخدمة مصالح المغاربة بالخارج.

7. تشجيع استثمارات الجالية المغربية

لفت جلالة الملك إلى ضرورة تشجيع استثمارات الجالية المغربية، حيث أعرب عن أسفه لأن نسبة استثماراتهم لا تتجاوز 10% من الاستثمارات الوطنية. و دعا إلى تسهيل الإجراءات القانونية و الإدارية، لتكون مساهمتهم في دعم الاقتصاد الوطني أكثر فعالية و دعما للتنمية المستدامة.

القسم الخالد و استمرار المسيرة…

اختتم جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده خطابه باستحضار القسم الخالد الذي أداه لوالده الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه ، مشددا على مواصلة السير في طريق الوفاء للوحدة الوطنية. و تجسد كلمات جلالته إصرار المغرب على حماية وحدته الترابية و تعزيز استقراره.

بهذا الخطاب، يواصل المغرب مسيرته نحو تعزيز وحدة أراضيه و تحقيق التنمية في كل ربوع المملكة، بما يضمن مصالح كافة المواطنين و يعزز مكانة المغرب على الصعيدين الإقليمي و الدولي.