الدارجة المغربية هي لهجة يستعملها العديد من المغاربة في حياتهم اليومية،

جريدة أرض بلادي – عبد الباسط الصوابي –

الدارجة المغربية هي لهجة يستعملها العديد من المغاربة في حياتهم اليومية، وتساهم في تسهيل التواصل فيما بينهم. لكن، هل تُعتبر الدارجة المغربية لهجة عربية؟

 

أُثير جدل واسع مؤخرًا بعد اعتبار الدارجة المغربية والحسانية لهجات عربية من طرف المندوبية السامية للتخطيط، وعلى هذا الأساس سيتم إحصاء وتمييز الناطقين بهاتين اللهجتين على أنهم يتكلمون بالعربية.

 

الذين يعتبرون الدارجة المغربية لهجة عربية يبررون ذلك بأن المعجم المستعمل في الدارجة أغلبه عربي، ولهذا حسب هؤلاء، فإن الدارجة فرع من العربية الفصحى. لكن هذا ليس صحيحًا، فلا يكفي أن تكون الكلمات المعجمية من أصل عربي لتكون اللغة التي تستعمل تلك الكلمات عربية، وإلا لكانت اللغة الفارسية لغة عربية لأن أكثر من 60% من معجمها اللغوي يرجع في الأصل إلى اللغة العربية، فضلًا عن استعمالها الحرف العربي في الكتابة. ومع ذلك، فالفارسية تنتمي إلى فصيلة اللغات الهندو-أوروبية، على عكس العربية التي تنتمي إلى اللغات السامية.

 

عدة باحثين مثل عبد الصمد بلكبير وفؤاد بوعلي، صنفوا الدارجة المغربية على أنها لغة كريولية (Creole) بحيث أنها مزيج من عدة لغات كالعربية، الأمازيغية، الفرنسية، والإسبانية، ولها بنية صوتية مميزة، إضافة إلى أن للدارجة بنية أمازيغية سواء من الناحية الصوتية، أو النحوية والتركيبية.

 

من الناحية الصوتية:

توجد بعض الحروف التي تتشابه في النطق بين الدارجة والأمازيغية. على سبيل المثال:

– حرف “گ” الذي يوجد في “گاع” (بمعنى “أبدًا”)، هو نطق شائع في الدارجة المغربية وله أصل في الصوتيات الأمازيغية.

– بالإضافة إلى “ژ” أو الزاي المفخمة في كلمة “ژمر” (التي تعني البرقوق المجفف)، التي أصلها يرجع أيضًا إلى الصوتيات الأمازيغية.

 

من ناحية البنية اللغوية:

البنية اللغوية للدارجة يغلب عليها الطابع الأمازيغي. فمثلًا نقول في الدارجة:

– “جات معاك الجلابة”

– “أش مشا ليك فيه”

– “عطيني واحد جوج خبزات”

– “طار ليه النعاس”

 

إذا ما تمت ترجمة هذه الجمل التي تستعمل يوميًا إلى اللغة العربية بشكل حرفي، لن يكون لها معنى، رغم أن هذه التعابير تتكون من كلمات عربية، لكنها ليست تعابير عربية، لأننا لن نفهمها إذا ترجمت بشكل حرفي كالتالي:

– “جات معاك الجلابة” (جاءت مع الجلابة)، الأصل قول (تناسبه الجلابة).

– “أش مشا ليك فيه” (ماذا مشا لك فيه)، الأصح هو (ما شأنك فيه).

– “عطيني واحد جوج خبزات” (أعطني واحد اثنتين خبزات)، الأصح هو (أعطيني خبزتين).

– “طار ليه النعاس” (طار له النوم)، الأصوب قول (أصيب بالأرق).

 

هنا نرى أن هذه العبارات لا معنى لها في العربية بسبب تركيبها الأمازيغي.

 

ناهيك عن الكلمات الأمازيغية المستعملة في الدارجة المغربية، مثل:

– “سقسي”[ⵙⵇⵙⴰ](اسأل)

– “سرجم” [ⴰⵙⵔⵣⵎ](النافذة)

– “خمم” [ⵜⵅⵎⵉⵎ](فكر)

– “دابا” [ⴷⵖⵉ] (الآن)

– “والو” [ⵡⴰⵍⵓ](لا شيء)

– “واخا” [ⵡⴰⵅⵅⴰ](حسناً)

– “تيغراد”[ⵜⵉⵖⵔⴰⴷ] (الأجرة)

– “سيفط” [ⵙⵉⴼⵟ](أرسل)

– “برا” [ⴱⵔⵔⴰ](الخارج)

– “لغوات”[ⴰⵖⵓⵢⵢⵓ] (الصراخ)

– “جنوي” [ⴰⵊⵏⵡⵉ](سكين)

– “زگا” [ⵣⵣⴳⴰ](اثبت)

 

بالإضافة إلى اللغة العربية والأمازيغية، الدارجة المغربية متأثرة أيضًا بالفرنسية، حيث نجد كلمات فرنسية منتشرة، مثل:

– (Le train, La télévision, Le réseau, Le stylo, Les vacances, Une semaine, Message, Hôtel…)

 

كما أن الدارجة المغربية تحتوي على العديد من المفردات الإسبانية والإيطالية وغيرها.

 

كل هذه الأسباب المذكورة جعلت الدارجة المغربية غير مفهومة لدى عرب شبه الجزيرة العربية، لأنها لو كانت لهجة عربية لكان فهمها يسيرًا لدى العرب.

 

الدارجة المغربية لهجة غنية وجميلة، تجمع في طياتها تأثيرات متعددة من العربية والأمازيغية والفرنسية والإسبانية. صحيح أن هناك من لا يعتبر الدارجة لهجة عربية، لكن من الواضح أن العربية تركت بصمة كبيرة في تشكيلها. ومع ذلك، فإن الحديث بالدارجة لا يعني بالضرورة الانتماء إلى العروبة، بل يعكس التنوع الثقافي واللغوي الفريد الذي يميز المغرب.