الدار البيضاء….. المرحاض

بقلم : عبد اللطيف بوهلال

 

بعد أن احتسى ما تيسر من كؤوس “البيرا” غير المجمركة في أحدى حانات شارع 11 يناير، كولومبيا المغرب بالليل وعاصمة الانوار بالنهار ، قرر السي عبد القادر أن يضيف الى ما احتسى مشروبا كحوليا آخر على الرغم من ارتفاع سعره بالمقارنة مع ” البيرا” ، حماس إضافي ونشوة غير معهودة جعلته يترنح يمينا وشمالا وهو يتراقص على أنغام يتفوه بها بصوت جهوري أجش، ميزانها الموسيقي ممزوج بين الراي والشعبي وفن العيطة ، نوتات فنية وموسيقية قد تدخله موسوعة غينس لكن حظه العاثر رمى به الى الخارج بمساعدة من حراس الخمارة الأوفياء لكل من أصابته الثمالة وخرج عن منطق وقوانين الخمرة والسكرة.

رغم مكانته الاجتماعية التي يحافظ على قيمتها بين جيرانه وعائلته وخصوصا بمقر عمله الذي يشتغل به كموظف شبح الا أنه يسمح من فينة لأخرى بأن تلطخ سمعته وتنهار قيمته كلما سقى ذاته نبيذ الإهانة والمذلة واكسير الحياة حسب قناعته هنا لا هناك ….

وهو يرتمي بين أحضان الأزقة والشوارع بحثا عن سيارة أجرة رغم كثرتها وقلتها بين أوساط السكارى ،أحس أنه مدين لمثانته لتحملها كل السوائل الكحولية التي احتساها ، يجلس القرفصاء بعد أن رفضت حصر هذه السوائل ولو ثانية ، يترنح ويلف رأسه بشكل دائري بحثا عن مراحيض الدار البيضاء الكبرى العاصمة الاقتصادية والجهة الأكبر، الأعظم، الأروع ….في المغرب الأكبر، الأعظم، الأروع ….

يعاود البحث ويشق بفكره المتيقظ رغم الخمرة التي احتلت الفكر والادراك هل يوجد مرحاض قريب من المكان الذي يتواجد به،،،،،تجيبه الخمرة : الدار البيضاء مرحاض كبير افعلها،،،،كما فعلها ويفعلها الكثير ،،،،هيا ليس لدينا متسع من الوقت نريد أن نمضي الليل باحتساء المزيد ،،،أقول لك أن المسألة عادية جدا ،،،،نعم سمعتك،،،، لا لا تقلق انها الجريمة الوحيدة التي لا يعاقب عليها القانون ،،،،،لاوجود له . أؤكد لك أنه لو كان هناك قانون بالدار البيضاء لوجدت المراحيض كما تجد حراس السيارات غير القانونيين.

السي عبد القادر رجل ضليع في الكحول وانسان مهما احتسى من الخمر لا يفقد عقله ، اتفق مع كل من يعرفه أنه يفقد جسمه الذي يخونه بحركات وتمايل غريب وبهلواني، فهو شخص ينطبق عليه المثل العامي ” سكران وحاضي حوايجو ” رغم…… ورغم….. وعلى الرغم من…….

عندما يشتد الحال فمن المحال أن لا يستسلم حالنا للحال الذي عليه ، فبين زقاق وزقاق وشارع وآخر استسلم السي عبد القادر وضرب عرض الحائط كل مبادئه وهو ينتشي بصوت صادر من الأعماق ويردد معه : تشششششش عليك يا كازا ،،،،،،تشششش لكل مدينة لا مرحاض بها.

العبرة من هذه القصة سأطرها سؤالا وسننتظر الإجابة سنين ومنين : ألم يأن للذين انتخبناهم أن يوفروا مراحيض بشوارع الدار البيضاء للعجزة، للمرضى، للصغار، للكبار،،،، لي أيضا ، لكم أيضا فكلنا من عشاق نغمات : تتتششششششش .