الدار البيضاء: مدينة التناقضات بين الحداثة والأصالة

جريدة أرض بلادي – سفيان بلغيت –

تُعتبر الدار البيضاء واحدة من أبرز مدن المغرب التي تجسد التناقضات بين الماضي والحاضر. ففي حين تبرز ناطحات السحاب في القطب المالي كرمز للتقدم والازدهار، تعاني مناطق أخرى من مشكلات عديدة تكشف عن فجوة واسعة بين مختلف أحياء المدينة.

من جهة، تشهد المدينة تقدماً ملحوظاً بفضل المشاريع الضخمة التي تميز القطب المالي، حيث تُعَد ناطحات السحاب والمراكز التجارية الحديثة علامات على نجاحات اقتصادية متتالية. إلا أن هذه الصورة اللامعة لا تعكس تماماً الواقع الذي يعاني منه العديد من أحياء الدار البيضاء، مثل رياض صوفيا ورياض الراحة، بالإضافة إلى أحياء ليساسفة وطريق الجديدة.

تواجه هذه الأحياء مشاكل متراكمة تتعلق بالتهميش والإقصاء، حيث يتجلى التباين في مشاهد رعي الغنم والماعز، والافتقار إلى البنية التحتية الأساسية، مثل قنوات الصرف الصحي، التي غالباً ما تنفجر وتسبب مشاكل بيئية وصحية. كما تتعرض هذه المناطق لأزمات تتعلق بالحفر والتشققات في الطرقات، ما يضاعف من معاناة السكان.

وفي حين أن ميزانية الأشغال وصيانة الطرق في جماعة الدار البيضاء ضخمة، إلا أن الإصلاحات التي تتم غالباً ما تكون دون المستوى المطلوب. الأحياء الجديدة تعاني من بنى تحتية هشة، وهو ما يزيد من الأعباء على السكان ويعكس ضعفاً في التخطيط والتنفيذ.

تظل الدار البيضاء نموذجاً حياً للتناقضات، حيث تحتاج المدينة إلى تحقيق توازن حقيقي بين مشاريع التحديث الكبرى ومشاكل الأحياء الأقل حظاً. من الضروري أن تتضاف الجهود لتحسين البنية التحتية، وتقديم خدمات فعّالة، لضمان تحقيق التنمية الشاملة التي تشمل جميع مناطق المدينة، مما يحقق الفائدة لكل سكان الدار البيضاء.