أثارت دعوة حزب “النهضة والفضيلة” ذي التوجه الإسلامي، إلى تخصيص حصة “كوطا” لعلماء الدين في البرلمان المغربي، ردود أفعال متباينة، بين رافِض ومُرحّب وآخر مشترط لنوعية العلماء الذين سيدخلون المؤسسة التشريعية للمشاركة في الحياة العامة والحديث بإسم الدين والشريعة.
وكان “النهضة والفضيلة” قد طالب في بلاغ له إلى ضرورة ضمان تمثيل العلماء بمبدأ “المُحاصَصة” داخل المؤسسة التشريعية، كما هو المعمول به مع تمثيليات أخرى كالنساء والشباب والجالية المغربية بالخارج، فيما اعتبرت قيادة الحزب أن هذا المطلب من شأنه تمكين فئة العلماء من المكانة التي تليق بهم داخل المجتمع ومؤسسات الدولة، من أجل لعب دور في محاصرة التطرف والدفاع عن وحدة البلاد.
الترشح قبل الكوطا
الداعية عبد الباري الزمزمي، النائب البرلماني السابق بإسم حزب النهضة والفضيلة، رفض، في تصريح لهسبريس، مقترح حزبه الأسبق من جانب تخصيص “كوطا” للعلماء، “من واجب العلماء أن يخرجوا إلى الميدان ويترشحوا ليكون للناس حرية الاختيار أو الرفض حسب شعبيتهم.. لأن الكوطا تُمنح لفئة لا شعبية لديها”.
وفي رده على سؤال علاقة عالم الدين بالسياسة، اختار رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في النوازل أن يهاجم حزب العدالة والتنمية بالقول إنه “استغل الدين لأغراضه السياسية”، مضيفا “الحزب لم يقدم شيئا للإسلام حين أعلن في البداية أن مشروعه إسلامي.. بل بات مثله مثل الأحزاب الاشتراكية”، مشددا على أن نموذج الحزب الإسلامي دليل على أن علاقة الدين بالسياسة “أكذوبة وورقة لاستغلال أصوات الشعب”.
وعن تقييم لتجربته كنائب برلماني سابق، اعتبر الزمزمي أن تلك التجربة كانت ضعيفة بالنسبة له، “كنت وحيدا في البرلمان، خاصة أن الحزب الذي مثلته ليس لديه أنصار ولا شعبية”، مشيرا إلى ضرورة مساندة العالم داخل البرلمان، من أجل أن يلعب دوره في التوجيه والإرشاد، قبل أن يعود لحزب “المصباح” مهاجما بقوله “الكوطا رغم ذلك لن تنفع مع حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية لأن العالم سيتعرض للعرقلة والمضايقات”.
مكسب مهم
أما الداعية والناشط السلفي، حماد القباج، فاعتبر أن المطلب السياسي لصالح العلماء مشروع، على أن تحققه “سيكون مكسبا مهما إذا كانت ممارسته حرة ونزيهة”، مشددا على أن تمثيلية العلماء في البرلمان المغربي يجب أن تبقى “غير مسيسة ولا موجهة.. بل تعبر عن اختيار المغاربة الحر وعن رأي الفقهاء الذي يتأسس على اجتهادات شرعية تنبني على الأصول والأحكام الشرعية”.
وأوضح القباج في تصريح أدلى به لهسبريس، أن رأي العلماء داخل القبة التشريعية يجب أن ينبني بعيدا عن “آراء وتصورات غير المتخصصين من سياسيين ومفكرين”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن المذهب المالكي يمثل مرجعية صالحة في هذا المطلب، “مع الانفتاح على أصول واجتهادات المذاهب الفقهية الأخرى كما جرى به العمل في المغرب في عدد من القضايا”.
زيادة في الخير
خطيب الجمعة بمسجد طارق بن زياد بطنجة، محمد الفزازي، قال لهسبريس إن حضور العلماء، “باعتبارهم ورثة الأنبياء وملح البلد”، في البرلمان “زيادة في الخير وبركة ستحلّ”، مشيدا بمقترح حزب النهضة والفضيلة بتخصيص حيز لمن أسماهم “أهل الكتاب والسنة وأهل الذكر”.
ويوضح الداعية السلفي، في اتصال مع هسبريس، أن العلماء المعنيين بدخول المؤسسة التشريعية للبلاد “هم الذين يدركون الشريعة والواقع المعاش إدراكا حقيقيّاً وصحيحاً ويتعاملون بشكل جدي مع الشرع الحنيف”، وليس “الفقهاء الذي يصلون بالناس في المساجد”، مضيفا، في جانب آخر، أن “النهضة والفضيلة” بهذا المقترح يظهر أن الخريطة السياسية بالمغرب ستتغير “سيكون له شأن بهذا في الانتخابات القادمة”، وفق تعبيره.