جريدة أرض بلادي -محمد يوشعر-
إنشادن، إقليم اشتوكة أيت باها – أصبحت منطقة إنشادن، المعروفة بخصوبة أراضيها وطقسها المعتدل الذي يناسب الزراعة، مسرحًا لظاهرة خطيرة تهدد السلم الاجتماعي وتضع علامة استفهام حول مستقبل التنمية الزراعية في المنطقة. مستثمرون في القطاع الفلاحي، بدلاً من استغلال الفرص الاستثمارية المتاحة بشكل مشروع، لجأ بعضهم إلى أساليب غير قانونية للسيطرة على أراضي الغير، خاصة تلك التي غاب أصحابها أو التي تواجه نزاعات بين الورثة.
تقع منطقة إنشادن على الطريق الوطنية الرابطة بين أكادير وتزنيت، وقد شهدت في السنوات الأخيرة نشاطًا زراعيًا مكثفًا، مع إنشاء شركات متخصصة في إنتاج وتصدير المنتجات الفلاحية. إلا أن هذا النشاط لم يخلُ من مشكلات، حيث استغل بعض المستثمرين غياب بعض ملاك الأراضي، نتيجة للهجرة إلى الخارج أو المدن المغربية، أو استغلوا الخلافات العائلية بشأن الإرث، ليغيروا معالم الأراضي ويضموها إلى ضيعاتهم الخاصة.
يشدد أبناء المنطقة على أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه التصرفات غير القانونية، مؤكدين أنهم سيواصلون المطالبة بحقوقهم المشروعة. وقد قاموا بتقديم شكايات رسمية إلى السلطات المحلية والنيابة العامة، فضلًا عن رفع إنذارات قانونية للمستثمرين المتورطين في عمليات السطو.
أحد المتضررين صرح قائلاً: “إن رسائلنا الموجهة إلى قيادة إنشادن، وعمالة اشتوكة أيت باها، ووزارة الداخلية، تمثل الخطوة الأولى نحو استرجاع حقوقنا. نطالب السلطات بالتجاوب مع هذه الشكايات وتطبيق القانون لإيقاف هذه التجاوزات”.
في ظل هذه التجاوزات، دعا المتضررون وسائل الإعلام المحلية والوطنية إلى تسليط الضوء على هذه القضية وإجراء تحقيقات تكشف عن الجهات التي تسهل للمستثمرين الاستيلاء على الأراضي بطرق غير قانونية. كما طالبوا المسؤولين في الدولة، الذين يدعوهم الملك محمد السادس دائمًا إلى احترام القانون وصون حقوق المواطنين، بتحمل مسؤولياتهم في حماية ممتلكات السكان وضمان العدالة.
بينما تشجع الدولة الاستثمار بهدف تحقيق التنمية وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، فإن ما يحدث في إنشادن يُظهر الوجه الآخر لهذا الاستثمار عندما يُبنى على انتهاك حقوق الآخرين. أبناء المنطقة يرون أن الاستثمار الحقيقي لا يمكن أن يكون على حسابهم، ولا يمكن أن يتجاهل حقوقهم وكرامتهم.
تظل قضية السطو على الأراضي في إنشادن اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة السلطات والجهات القضائية على حماية الحقوق وتحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمار واحترام القانون. فبدون تدخل حازم، قد تتحول التنمية المأمولة إلى مصدر للانقسام والتوتر في منطقة كانت دومًا نموذجًا للتعايش والعمل الزراعي المشترك.