السوق و البيصارة والهندية وأشياء أخرى خطيرة”

أبراهيم مجد _ جريدة أرض بلادي _

أغلب اللغات تعرف بازدواجية النوع؛ المؤنث في مقابل المذكر، كاللغة الفرنسية واللغة العربية، أما اللغة الإنجليزية فتضيف للمذكر والمؤنث، نوعاً محايدا وتعبر عنه بالضمير (It).

وفي استراليا وبالضبط لدى قبيلة قديمة تسمى Dyrbale، وتتكلم لغة في طور الانقراض تفرق بين أربعة أنواع هي :

1- الأشياء المتحركة والرجال

2- النساء، النار، الماء، والعنف

3- الفواكه والخضر

4- ما تبقى دون ذلك

وانطلاقا من لغة “ديربال” المنقرضة هذه، استلهم “جورج لايكوف” وهو أحد أكبر فلاسفة وعلماء لسانيات القرنين العشرين والواحد والعشرين، متخصص في علم اللسانيات المعرفية، ومن أكثر الباحثين في موضوع الاستعارة اللغوية، والذي ألف سنة 1991 كتابا حول “الاستعارة والحرب” تحدث فيه عن الاستعارة اللغوية المستعملة لتبرير حرب الخليج، إذ يعتبر الاستعارة بمثابة بنية الفكر، استلهم عنوان كتابه الأكثر شهرة الذي يحمل عنوان ” Women, Fire and Dangerous Things” في إحالة استعارية إلى نوع (جنس) المؤنث والنار والأشياء الخطيرة.

والحديث عن الاستعارة في مجال العلوم والمعرفة والاقتصاد والحرب والسلام، يمنحنا الحق في تحليل اللغة الاستعارية المستعملة في الخطاب السياسي المغربي الذي تنشط فيه آلة الاستعارة وتستعر مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، ذلك أن قرفصة السياسي في خيمة بالسوق الأسبوعي وبلعه لقطعة خبز يابس وأخرى مغطوسة في الزيت البلدية والتهام بعض التين الشوكي ( الهندية) وامتصاص “زلافة” من البيصارة وتوزيع الابتسامات والوعود والكلام المنمق، ليست سوى استعارات مكررة في اللغو والسلوك.

ولعل المرافق للمرشحين يجد نفسه أمام كمّ هائل من الاستعارات اللغوية تفوق بكثير تلك الاستعارات التي يستعملها بعض “القُرّاء” في موائد المآتم والأفراح والولائم وخاصة ما تعلق منها بقسمة ما جاد به الحضور من “فتوح” عن دعوات صالحات وفاتحات ضارعات.

يستلف السياسي في استعاراته من حقول لغوية متعددة من لغة طبقة “ريتشارد” إلى طبقة السّعاة والمتسولين، مع نبوغ لافت في لغة الصم والبكم ولغة الإشارات ولغة العصابات.