الطرق بجماعة الغنادرة… عزلة تامة ومعاناة يومية في ظل غياب التنمية الحقيقية

جريدة أرض بلادي – محمد كرومي –

تعيش جماعة الغنادرة، الواقعة ضمن تراب إقليم سيدي بنور، وضعاً طرقياً مأساوياً يعكس حجم التهميش الذي يطال مناطق شاسعة من العالم القروي بالمغرب. فعوض أن تكون الطرق وسيلة لربط الساكنة بالعالم الخارجي وتسهل عليهم الولوج إلى الخدمات الأساسية، تحولت إلى رمز للمعاناة اليومية، ومصدر عزلة قاتلة في القرن الواحد والعشرين.

 

تشهد أغلب المسالك الطرقية بالجماعة حالة تدهور متقدمة، سواء من حيث البنية أو الصيانة. فالأوحال في فصل الشتاء تعزل الساكنة تماماً عن المراكز الحضرية، وتتحول الطرق إلى ما يشبه المستنقعات، يصعب معها التنقل حتى باستعمال العربات المجرورة أو السيارات الرباعية الدفع. أما في فصل الصيف، فتتحول إلى مسالك ترابية متشققة، مليئة بالغبار والحفر، تعرقل حركة السير وتُشكل خطراً حقيقياً على أرواح مستعمليها.

 

إن غياب البنية التحتية الطرقية لا يُعد فقط إشكالاً في حد ذاته، بل يُسهم في تعميق الفقر والهشاشة. فالفلاحون يعجزون عن تسويق منتجاتهم في الأسواق الأسبوعية أو المراكز الحضرية، ما يؤدي إلى كساد محاصيلهم. كما أن المرضى يواجهون صعوبات جمة في الوصول إلى المستشفيات أو المراكز الصحية، خاصة في الحالات المستعجلة، مما يعرض حياتهم للخطر.

 

أما التلاميذ، فيضطرون إلى قطع مسافات طويلة على الأقدام وسط ظروف صعبة للوصول إلى مؤسساتهم التعليمية، ما يؤثر على مردودهم الدراسي، بل يدفع بعضهم إلى الانقطاع عن الدراسة، وبالتالي استمرار حلقة الفقر والجهل.

الوعود الانتخابية… مجرد شعارات فارغة

رغم كثرة الوعود التي تطلقها الأحزاب السياسية خلال كل حملة انتخابية، فإن واقع الطرق بجماعة الغنادرة لا يشهد أي تحسن يُذكر. تسويق الشعارات البرّاقة حول “تنمية العالم القروي” و”محاربة الفوارق المجالية” بات لا يُقنع أحداً، أمام الواقع الملموس الذي تعيشه الساكنة، والتي لم تلمس أي تغيير حقيقي منذ سنوات.

أين هي برامج الدولة لفك العزلة؟

إن البرامج الحكومية، مثل “البرنامج الوطني لفك العزلة عن العالم القروي”، أو “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، يُفترض أن تشمل جماعات مثل الغنادرة، غير أن الواقع يؤكد أن نصيبها من هذه البرامج يبقى ضعيفاً أو منعدماً، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول أولويات المسؤولين، ومدى نجاعة تتبع المشاريع التنموية وتوزيعها بعدالة.

دعوة للتدخل العاجل

بات من الضروري على الجهات المعنية، من مجلس جماعي وإقليمي وجهوي، إلى جانب وزارة التجهيز والنقل، أن تتحمل مسؤوليتها كاملة تجاه ساكنة جماعة الغنادرة. الإصلاحات الترقيعية أو الوعود المؤجلة لم تعد تجدي نفعاً. المطلوب الآن هو وضع خطة تنموية شاملة لإعادة تأهيل الطرق، وفتح مسالك جديدة، بما يضمن كرامة المواطن القروي، ويُحقق له شروط العيش الكريم.

خاتمة: من التهميش إلى التغيير

إن التنمية الحقيقية تبدأ من الاستماع لصوت المواطن، ومن تلبية حاجياته اليومية، وعلى رأسها البنية التحتية. فهل ستبقى جماعة الغنادرة رهينة الإقصاء والتهميش؟ أم أن ساعة التغيير قد حانت، ليعيش سكانها مثل غيرهم في وطن يُفترض أنه يسير في طريق التنمية الشاملة