تحرير نصيرة بنيوال – جريدة أرض بلادي
الدكتور عمر أعنان، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الأول بوجدة ونائب برلماني عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، يعد من الأسماء البارزة التي تجمع بين العمق الأكاديمي والتجربة التشريعية. حضوره القوي في قضايا التربية والتعليم، داخل الجامعة وتحت قبة البرلمان، يمنحه رؤية مركبة وموثوقة، تجعله من الأصوات القليلة القادرة على مقاربة موضوع العنف المدرسي بوعي علمي ومسؤولية مؤسساتية. وله منا كامل الشكر على مشاركته القيمة.
مع تزايد حوادث العنف داخل الوسط المدرسي، وبلوغها مستويات مقلقة خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصا بعد حادثة مقتل الأستاذة هاجر العيادر، عاد الجدل بقوة إلى الساحة الوطنية حول أسباب هذه الظاهرة وتداعياتها، كما طرح الموضوع مجددا داخل البرلمان.
في هذا السياق، تقدّم النائب البرلماني الدكتور عمر أعنان، صباح اليوم الإثنين 21 أبريل، بسؤال شفوي إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، حول تصاعد العنف المدرسي وغياب الحماية القانونية والمهنية للأطر التربوية.
*و في تصريح خاص لجريدة أرض بلادي، أكد النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، أن هذه المبادرة جاءت استجابة لنداءات الشغيلة التعليمية، التي تعيش تحت ضغط متزايد وتهديدات يومية، و قال:*
«العنف المدرسي في المغرب: ظاهرة مقلقة تهدد المدرسة العمومية وتستدعي تدخلا عاجلا»
تصريح الدكتور عمر أعنان –21 أبريل 2025
«تشهد المؤسسات التعليمية في المغرب تناميا مقلقا لحالات العنف داخل الفضاء المدرسي، سواء بين التلاميذ أنفسهم أو في علاقتهم بالأطر التربوية والإدارية. هذه الظاهرة، التي كانت في وقت سابق تعد حالات معزولة، باتت اليوم تأخذ طابعا بنيويا يثير قلق المجتمع التربوي ويطرح تحديات حقيقية أمام المنظومة التعليمية برمتها.
مؤشرات رقمية تثير القلق
بحسب معطيات منظمة التضامن الجامعي، فقد تم تسجيل ما لا يقل عن 66 حالة اعتداء على الأطر التربوية خلال الفترة الأخيرة، شملت مختلف الأسلاك التعليمية. ويأتي أساتذة التعليم الابتدائي في صدارة المستهدفين بـ23 حالة، تليهم إدارات المؤسسات بـ11 حالة، ثم أساتذة التعليم الثانوي بـ10 حالات، وهو ما يعكس انتشار الظاهرة بشكل عرضاني يمس كافة المستويات التعليمية.
وقائع صادمة ومؤلمة
الأسابيع الماضية كانت شاهدة على أحداث مؤلمة أعادت دق ناقوس الخطر بشأن تصاعد وتيرة العنف داخل المدارس. أبرز هذه الحوادث مقتل الأستاذة هاجر العيادر بمدينة أرفود على يد أحد المتدربين، في جريمة هزت الرأي العام الوطني. كما تعرض مدير مؤسسة تعليمية في خنيفرة لاعتداء خطير بعد أن رشقه تلميذ بالحجارة، متسببا له في كسر على مستوى الجمجمة. وفي مدن أخرى مثل تيفلت والفقيه بن صالح ومراكش، توالت حالات اعتداءات جسدية ونفسية على أساتذة أثناء مزاولتهم لمهامهم، سواء من طرف تلاميذ أو أولياء أمور.
هذه الأحداث دفعت العديد من الأطر التعليمية إلى الدخول في إضرابات ووقفات احتجاجية للتنديد بتصاعد العنف وللمطالبة بتوفير الحماية القانونية والمهنية.
جذور الأزمة متعددة
يجمع العديد من المختصين على أن أسباب تفشي العنف في البيئة التربوية التعليمية تعود إلى عوامل بنيوية وتربوية واجتماعية، من أبرزها ضعف دور الأسرة وتراجع تأثيرها التربوي، والتفكك الأسري، بالإضافة إلى الاكتظاظ داخل الفصول الدراسية وغياب التأطير النفسي والمواكبة الاجتماعية للتلاميذ. كما لا يمكن إغفال التأثير المتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي، التي تروج أحيانا لخطابات العنف والاستهزاء بالمدرسة والمدرّس.
تداعيات خطيرة على المدرسة والمجتمع
الانعكاسات السلبية لهذه الظاهرة لا تقف عند حدود المؤسسة التعليمية، بل تطال كل مكونات المجتمع. فاستمرار حالات العنف يفقد المعلم هيبته، ويؤثر سلبًا على المناخ التربوي، وعلى جودة العملية التعليمية، ويهدد بثني عدد من الكفاءات التربوية عن الاستمرار في المهنة. كما أنه يقوض الثقة المجتمعية في المدرسة العمومية كمؤسسة قادرة على التنشئة والتأطير وبناء المستقبل.
مقترحات للتصدي للظاهرة
أمام هذا الوضع المقلق، بات من الضروري اعتماد مقاربة شمولية وعاجلة لمواجهة العنف المدرسي، تقوم على:
• توفير حماية قانونية ومهنية حقيقية للأطر التربوية، من خلال مراجعة الإطار التشريعي وتجريم الاعتداءات بشكل واضح وصارم.
• إدماج برامج للتربية على القيم والاحترام ونبذ العنف في المناهج التعليمية، انطلاقا من المستويات الأولى.
• تفعيل دور الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين داخل المؤسسات التعليمية لمرافقة التلاميذ ورصد مؤشرات الانحراف المبكر.
• تحسين ظروف العمل داخل المدارس عبر تقليص الاكتظاظ وتوفير بيئة تربوية مشجعة ومحفزة.
• تعزيز التنسيق بين الأسرة والمدرسة والمجتمع المدني من أجل إشراك الجميع في مسؤولية التربية والتهذيب.
العنف المدرسي ليس مجرد ظاهرة ظرفية، بل مؤشر على اختلالات عميقة في البنية التربوية والاجتماعية. والتصدي له ليس فقط دفاعا عن الأطر التعليمية، بل حماية لحق التلاميذ في التعلم داخل فضاء آمن وسليم.
. يتم النائب البرلماني الدكتور عمر أعنان كلمته بالتأكيد على أن إنقاذ المدرسة المغربية من هذه الآفة رهين بقرارات شجاعة، وسياسات عمومية تربوية تعيد الاعتبار للمدرس وللمؤسسة التعليمية ككل.»
ولنا في جريدة أرض بلادي موعد مع شخصيات وازنة أخرى، للمساهمة في إغناء النقاش حول سبل التصدي لظاهرة العنف داخل المؤسسات التعليمية.