جريدة أرض بلادي -العزيز حنون طبيب و إعلامي-
بعد نفخ الأضحية، لتسهيل عملية فصل الجلد عن اللحم، يبدأ السلخ. تأتي الجدة وتحدد برنامجها المستقبلي مع “البطانة”. تعبر بشكل واضح عن رغبتها “راه باغيا نديرها “غرابل” أو” هيدورة”، و خصوصا تكون أكثر صرامة في أمرهم بتفادي أن يقترفوا ولو نبشة صغيرة في جلد الأضحية إذا أرادت تجديد “أسطول” اللبن: “حاول على البطانة راه بغيناها شكوة” و تبقى ترمقم عن كتب.
ما هي إلا لحظات حتى تكون السقيطة جاهزة والبطانة على أحسن ما يرام. ما كان وقتئد ينتظر المنتظرون الجزار، لانه بكل بساطة لم يكن هناك في الدوار من يمتهن الجزارة… في منطقة الغربية كانت كل قبيلة تمتهن مهنة محددة… قالبريبرات مثلا تضم الحدادة و بعض التجار، وأولاد سبيطة الجزارة، و العثامنة تجارة الكتان، و اولاد بنيفو الشرفا، دوارنا، كانوا يعيشون على شيء يسير من الفلاحة بالإضافة إلى خدمة ضيوف الزيارة في ضريح الزاوية الذي يقصده القاصدون في اطار ثقافة شعبية موروثة منذ ما قبل القرن العاشر الهجري بغرض “الاستشفاء” التقليدي من بعض الامراض العقلية والنفسية.
كانت من أهم التداريب لتأهيل الشباب للادوار الاجتماعية و منها الزواج، امتلاك تقنيات الذبح والسلخ وإلا سيكون مشكوك في أهليته لتحمل المسؤولية، لأن “من لا يذبح شاتو و يصبن كساتو ويقرا براتو ويطيب عشاتو موتو حسن من حياتو” ، بمعنى اكتساب الاستقلالية وعدم الاتكال على الآخرين، و يعبر عنها العروبية بمصطلح ” كاباب مع راسو”، بتشديد الباء الأولى، وهي مأخوذة من الكلمة الفرنسية “capable”.
بعد بطر البطن “تفيض” شحمة الدوارة متزحلقة نحو الخارج. الجميع يردد “تبارك الله”. يتم إزالتها بتؤدة. كانت سميكة و عريضة تشبه فوطة بيضاء. يضعها عمي على رأس و كتفي إحدى البنات على شكل غطاء. لم أعرف مغزى هذه العادة. يتم إخراج المعدة و سل الأمعاء بشكل سلس حتى لا تتقطع . بعدها يخرج الكبد والرئتين والقلب، لكن بعد إزالة المرارة بحذر و إلصاقها جنب الحائط مملوءة حتی لا تتمزق وتفسد مرارة ذوقها ”الفاد”، کانت تبقى في مكانها أياما حتى تتيبس. ربما كان هناك اعتقاد معين في الحفاظ على المرارة كما كان الشان مع أخذ شيء من الدم من الشرايين مباشرة في زلافة و يتم وضع بصمة منه على جبين الأطفال، لكن الوالد کان رحمه الله أمر بإلغاء هذا الطقس، اقصد الدم، نظرا لما قد يجلبه من تعفن و رفضه لكل مظاهر الوثنية و الخرافات السائدة وقتئد.