جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-
استطاع ثلاثة شبان الخروج من محتجزات ميانمار، بحر الأسبوع الجاري، بعد أداء عائلاتهم حوالي 10 ملايين سنتيم كفدية على كل واحد، على غرار الذين خرجوا من قبلهم، فيما تنتظر عائلات أخبارا عن أبنائها الذين مازالوا محتجزين كما يؤكد والد أحد العائدين.
ولم تكن عودتهم باليسيرة ولا مقامهم هناك كان طيبا، شأنهم في ذلك شأن الذين غادروا الحدود بين ميانمار والتايلاند حيث توجد تلك المعسكرات التي تشتغل داخلها شركات في التجارة الإلكترونية، إذ قال أب أحدهم، في اتصال إنه اضطر لدفع الفدية مقابل إطلاق سراح ابنه البالغ من العمر 25 سنة.
قال الأب إن ابنه بقي في تلك المعسكرات ثلاثة أشهر، وما جعله يتجنب التعذيب الجسدي هو تنفيذه أوامر رؤسائه في العمل، إذ ظل يشتغل وفق ما يخططون له، مادام يرى أمامه كيف يتعذب كل رافضٍ للأوامر، وهو ما جعلهم يسمحون له بالاحتفاظ بهاتفه الذي كان يتصل به مع والده منذ اليوم الخامس من مقامه هناك.
وأكد أن المفاوضات لإطلاق سراحهم استمرت مدة طويلة، وبطريقة غير مباشرة، إذ كانت عن طريق منظمات ميانمارية وتايلاندية لها القدرة على التواصل مباشرة مع متمردين وجنود يسيطرون على المعسكرات.
ولا يُنكر فضل القنصلية المغربية في تايلاند، إذ أكد أن مسؤوليها اشتغلوا على إخراج هؤلاء الشبان، ويشتغلون على إخراج البقية، مؤكدا أن التدخل صعب لأن المنطقة حدودية ويسطر عليها متمردون وعساكر مسلحون بما يجعلها في فوضى، وهو ما يفرض تدخل جنرالات ومنظمة دولية للتوسط.
ولفت إلى أن ابنه عندما خرج من المحتجز، مكث في فنادق العاصمة التايلاندية شهرا تقريبا، وظلت القنصلية تتابع وضعه قبل أن يعود على مراكش.
الطريقة نفسها إلى الجحيم
ذهب الشاب إلى ذلك العذاب بالسيناريو نفسه الذي حدث مع من عادوا ومن مازالوا؛ إذ قال والده إن صديقا له أقنعه، رغم رفضه، إذ رأى ابنه أن عرض العمل لا يمكن رفضه (أجر وكل شيء بالمجان)، فتوجه مباشرة برحلة جوية مؤدى عنها إلى ماليزيا وبعدها إلى تايلاند، وهو المسار نفسه الذي سلكه مغاربة آخرون نحو جحيم لم يتوقعوه.
كما أنه يتقن “الديزاين” وهو من شروط العمل مع تلك الشركات الصينية والتايلاندية التي تستغل مهاراتهم لكي تنصب وتحتال باسم التجارة الإلكترونية.
ولم يسافر هذا الشاب لوحده، إذ كان برفقته 13 آخرين، خرج أربعة منهم من الاحتجاز فيما البقية مازالوا عالقين، كما لفت إلى ذلك أب الشاب في حديثه ، مؤكدا أن مغاربة آخرين محتجزين هناك.
“عندما ذهب كان سيلتحق بهم 25 آخرين، لكن منعناهم من ذلك، لأنه لا يمكن تركهم يعانون بدورهم. لقد كان يتصل بي ويصف لي ما يجري هناك”، يتحدث الوالد عن ابنه مضيفا “لقد كان يعيش الرعب ويصعب تصديق أن هناك محتجزات وتعذيب قاس لتلك الدرجة. لذلك كنت أحثه على فعل كل ما يطلبونه منه لتجنب أي تعذيب خصوصا أنه كان يرى آخرين يتعذبون أمامه، ومع ذلك لم يسلم من الصعق الكهربائي”.
ولفت إلى أن الذي استقطب ابنه يشتغل حاليا هناك، رفقة شقيقه الذي التحق به، مؤكدا أن هناك مغاربة يستقطبون آخرين مقابل إطلاق سراحهم أو لتلقي مكافآت مالية.
وأكد في هذا الإطار أنه وضع شكاية لدى الأمن وروى للمحققين ما جرى لابنه بالتفصيل وكيف تم استقطابه، ولم يستبعد وجود أشخاص في المغرب متورطون في عملية الاستقطاب وتقديم إغراءات للذهاب إلى تايلاند.
“كان ابني متحمسا للذهاب لأنه تأثر بما كان يسوقه بعض المؤثرين. أراد مراكمة الثروة من التجارة الإلكترونية مثلهم، لكن كنت أؤكد له أن ذلك ليس بتلك السهولة التي يظن، وأن ذلك الحجم من الأموال مبالغ فيه. لقد كانوا يمنحونه المال الكثير لكن ذلك المال يبقى هناك عندهم”.