القيم الوطنية ووحدتنا الترابية

جريدة ارض بلادي -الحسين أيوسف-

بكثير من الانتشاء بما حققته دبلوماسيتنا من نتائج إيجابية وإنجازات بارزة، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لمسلسل تسوية النزاع المفتعل حول صحرائنا المغربية، وبعيدا عن النكاية في إخواننا بالجارة الشرقية، وانطلاقا من عدالة قضيتنا الوطنية، وبإحساس شديد نابع من حب الوطن، أكتب هذه الخاطرة النابعة من مواطن مغربي ليس بمتخصص في القانون الدولي ولا في علم الاجتماع، بل أكتب بعفوية يفرضها واجب التصدي لكل المؤامرات التي تحاك حول وطني ووحدته الترابية. شأني في ذلك شأن كل المغاربة الأحرار.

كل هذه المكتسبات التي تحققت في ملف صحرائنا، هي ثمرة لوحدة وطنية راسخة، بناها المغاربة بجبهة داخلية متماسكة بمختلف لهجاتهم ودياناتهم، تعكس مستوى الحب الذي يكنونه لبلدهم. وتشبثهم بهويتهم التي لا يمكن أن تضيع في وطن شامخ بأمجاده وبتاريخه، وهو التاريخ الذي صنعه الشعب المغربي عبر قرون، وتوارثه الأبناء عن الأجداد جيل لجيل، بشهادة التاريخ الذي أرخه الأعداء قبل الأصدقاء. وهذا ما يثير غيض وأحقاد أعداء وحدتنا الترابية والطامعين في خيراتها.

فالوطنية ليست شعارات جوفاء، بل هي مشاعر وارتباط وجداني وما ينبثق عنهما من استجابات عاطفية، أما المواطنة فإن كانت هي صفة المواطن التي تحدد حقوقه وواجباته، فهي قبل كل شيئ هي الولاء للوطن، والتفاني في خدمته في أوقات السلم والحرب على السواء، وهي كذلك تضامن وتعاون المواطنين فيما بينهم عن طريق العمل المؤسساتي والتطوعي لتحقيق الغايات التي يصبو لها الجميع، بخدمته والعمل على تنميته وحماية مؤسساته وضمان سلمه، والحفاظ على تماسك جبهته الداخلية، وتقوية مناعة شبابه، والتصدي لكل تشويش صادر عن بعض الأبواق المأجورة وبعض المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وآليات التضليل الإعلامي والسياسي للأنظمة العسكرية والإمبريالية، التي أفل نجمها بعد سطوع نجم تحرر الشعوب والانعتاق من التبعية والولاء للوطن أقصد به تلك الرابطة التي تجمعنا بوطننا تحت سيادة القانون.

وهو غير منحصر ولا مقتصر على المواطنين المقيمين على ترابه، وإنما يبقى في وجدان وضمير وسلوك المواطنين الذين تضطرهم الظروف للإقامة في الخارج، لأن مغادرة الوطن لأي سبب من الأسباب، لا تعني الانسلاخ الوجداني والتحلل من الالتزامات والمسؤوليات التي تفرضها المواطنة، بل تبقى لصيقة به أينما حل وارتحل حتى ولو اكتسب الجنسية في دولة أُخرى.

وهذا ما يجسده بكل صدق مغاربة الخارج الذين يعتبرون سفراء بامتياز لقضيتنا الأولى، يؤدون واجبهم الوطني بشعور قوي، وباعتزاز وفخر كبيرين بالانتماء للوطن والاستعداد التام للدفاع عنه والتفاني في خدمته ضد من ليس لهم من شاغل سوى حبك المؤامرات وعرقلة مسيرته التنموية.

ولمواجهة التحديات، نحن اليوم مطالبون فرادى وجماعات كمجتمع مدني، بالمزيد من تقوية الأداء الترافعي كدبلوماسية موازية، دفاعا عن حقنا المشروع، ألا وهو مغربية صحرائنا. وإسهاما في تفنيد المغالطات وفضح مؤامرات الحاقدين والطامعين والمندسين، والتصدي لكل ما يحاك حول وحدتنا الترابية كل من موقعه. وذلك بامتلاك الوعي والقناعة، بكون مصلحة الوطن قبل المصالح الشخصية والفئوية. وأن التكاتف والالتفاف حول قضية وحدتنا الترابية، هو إعلاء من شأنه وحفاظا على عزته وسلامة أراضيه ومصالحه.

علما أن أطروحة الانفصال أتبت الأيام زيفها، سيما بعد أن بدأ يكتوي بنارها كل من كان يدعمها ويذكي لهيبها.