“الكاميرات الأمنية في المنازل: الأبعاد القانونية والخصوصية”

جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

في السنوات الأخيرة، شهدت ظاهرة استخدام الكاميرات الأمنية في المنازل والمباني السكنية تزايداً ملحوظاً، حيث أصبحت جزءاً أساسياً من منظومة الأمن والسلامة لكثير من الأفراد. لكن يبقى السؤال: ما هي شرعية استخدام هذه الوسائل في الأماكن المشتركة أو العامة، وما هو موقف القانون من ذلك؟

 

يلجأ العديد من الأشخاص إلى تركيب الكاميرات لأسباب متنوعة، تشمل حماية الممتلكات ومراقبة الأنشطة المشبوهة، فضلاً عن تعزيز الأمان الشخصي للأسر وإضفاء شعور بالاطمئنان. تتيح الكاميرات رصد التحركات غير المألوفة والحوادث المحتملة، مما يعزز القدرة على اتخاذ إجراءات سريعة عند الحاجة، وتعتبر أداة فعالة للردع عن الجريمة في العديد من الحالات. كما تُستخدم الكاميرات أيضاً لتوثيق الأحداث التي قد تتطلب إثباتاً أو متابعة في المستقبل، مما يعزز الشعور بالأمان.

 

توضح المحامية غزلان الماموني ، أن القانون المغربي يسمح بتركيب كاميرات المراقبة في الأماكن الخاصة التي يمتلكها الفرد، مثل المنازل والشقق والأجزاء المشتركة من العمارات. ومع ذلك، يصبح استخدام هذه الكاميرات موضع تساؤل عندما يتعلق الأمر بالأماكن العامة أو المشتركة، كمدخل العمارات والأزقة القريبة، حيث قد ينتهك ذلك خصوصية الآخرين.

 

يحدد القانون المغربي شروطاً واضحة لاستخدام كاميرات المراقبة في الفضاء العام، إذ يمكن أن يُعتبر تركيبها تدخلاً في الحياة الخاصة، مما يستدعي الحصول على إذن قانوني، وفقاً للأستاذة الماموني.

 

في هذا الإطار، تتولى اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي مسؤولية منح التراخيص لاستخدام الكاميرات في الأماكن العامة، لضمان استخدام هذه الأدوات كوسيلة للحماية، وليس كأداة للمراقبة العشوائية التي قد تنتهك خصوصية الأفراد.

 

كما تشير المحامية إلى أن قانون حماية المعطيات الشخصية في المغرب ينظم استخدام كاميرات المراقبة في المجال العام بشكل صارم، حيث يُسمح بتركيبها فقط في أماكن محددة مثل المتاجر الكبرى والمراكز التجارية. يشترط القانون أيضاً إبلاغ الجمهور بوجود كاميرات المراقبة لضمان الشفافية وحماية الخصوصية، مع ضرورة الحصول على ترخيص بذلك.

 

بالنسبة للمساكن، يمكن للأفراد تركيب كاميرات داخل منازلهم دون الحاجة لإبلاغ السلطات، لكن يجب إعلام اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات إذا كانت الكاميرات ستصور المجال العام من محيط المنزل.

 

تحذر المحامية من أن الأمور القانونية تتعقد عند نشر الصور أو مقاطع الفيديو التي تلتقطها الكاميرات للأشخاص دون علمهم، حيث يُعاقب على هذا التصرف وفقاً للمادة 447-3 من القانون الجنائي المتعلق بحماية الحق في الخصوصية، الذي يُجرم نشر الصور الخاصة دون موافقة.

 

يؤكد أستاذ القانون الدستوري محمد الفضيل أن استخدام الكاميرات يتطلب إشعار اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، كونها الجهة المسؤولة عن تطبيق القانون رقم 09-08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، والتي تمنح الموافقات اللازمة لاستخدام الكاميرات في الأماكن العامة.

 

كما أشار عمر السغروشني، رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، في تصريح سابق أن أي شخص لا يمكنه استخدام الكاميرات لمراقبة محيطه دون إشعار اللجنة، مع وجود شروط تحكم هذه العملية، مثل منع تسجيل ما يحدث في الشارع لحماية الحياة الخاصة للأفراد.

 

وأكد على أهمية التوعية بمسائل الخصوصية، وتعزيز ثقافة احترام الحياة الخاصة للآخرين، فضلاً عن تعزيز وعي المواطنين بحقهم في اللجوء إلى القانون عند ملاحظة استخدام الكاميرات في أماكن خاصة، كالمطاعم أو العمارات، لمراقبة الزوار.