المتخيل السردي في رواية ‘عائشة القديسة’ للكاتب المغربي ‘مصطفى لغتيري’

    جريدة ارض بلادي   بقلم:_ ليلى التجري-

تضم رواية ‘عائشة القديسة’ للكاتب المغربي’مصطفى لغتيري’ 111 صفحة ،مقسمة إلى ستة فصول،وهي من إصدارات غاليري الأدب ،وفيها يحدثنا الكاتب عن شخصية من التراث الشعبي المغربي ‘عيشة قنديشة’أو السيدة النبيلة ‘عائشة الكونتيسة’ كمصطلح متداول في ثقافة البرتغاليين.

هذه المرأة الأسطورية التي جمعت بين الخرافة والحقيقة، قاومت الاستعمار البرتغالي على الشواطئ المغربية الأطلسية لمدينة الجديدة أو ما اصطلح عليه(مازاكان) في زمن الاستوطان البرتغالي للمغرب،وقد تحولت شخصية عائشة عبر العصور من مقاومة للاحتلال إلى شبح مخيف لدى جميع الفئات الاجتماعية…كانت تستحوذ على قلوبهم بجمالها الفاتن وتسلب عقولهم وتلحق الأذى بهم.

تدور أحداث الرواية حول أربعة أصدقاء (ممرض وجمركي’العربي’ ومعلم ‘سعد’بطل الرواية و يحيى..)،إذ كانوا يعيشون في قرية هادئة،دار بينهم حديثا وهم في مقهى حول ‘قنديشة’ إذ اعتبروا لا وجود لها،وبأنها شخصية متخيلة..

تتنامى أحداث الرواية وتأخذنا لبطلها ‘سعد’ الذي حاول إقناعهم في حديثهم عنها بأنها مجرد خرافة،لكنه في يوم من الأيام وبينما هو يمارس هوايته الصيد فقد وعيه وسقط من دراجته..وفي عالم اللاوعي أو العقل الباطن لدى ‘سعد’ عاش صراعات متناقضة مليئة بالأحداث الغير المتوقعة…

نغوص أكثر في أعماق الرواية،هذه المرة مع الانتقالات المفاجئة في سرد أحداث الرواية من ضمير الغائب لسارد يحكي وقائع الأحداث ويخلص الذات من كل الارتباطات،إلى ضمير المتكلم حينما يدخل شخصية البطل ‘سعد’ في غيبوبة.

وما نلحظه في الكتابة الابداعية للكاتب توظيفه لتقنية الارتداد وهو ما يفرضه العودة بالماضي للوراء(…..ص22).

فتوظيف الكاتب ‘مصطفى لغتيري ‘للخرافة في رواية ‘عائشة القديسة’ على حد تعبيره لم يكن أمرا اعتباطيا بل وسيلة لبناء عالم قائم بذاته بشخصياته وأحداثه وفضائه…عالم قائم على التناقض والتباين الذي يعيشه المجتمع المغربي خاصة والمجتمعات العربية عامة ،يظهر ذلك جليا حينما أدخل شخصية سعد في غيبوبة،واستعادته لوعيه حينما نسي قصة المرأة المسيطرة..

هذا التداخل بين عالمين هو ما يفسر ظاهرة الانفصام لدى المجتمع المغربي.

يمكن القول إن رواية’ عائشة القديسة’للكاتب المغربي ‘مصطفى لغتيري’ عالجت ظاهرة اجتماعية وتاريخية لشخصية واقعية راودت عقولنا،وترسخت في ذاكرتنا منذ الأزل،وغيرت نظرتنا إليها…وذلك بأسلوب مشوق هادف قائم بذاته.