المجتمع المدني المغربي ورهان النموذج التنموي الجديد: زوهير أيت سعيد احقي ميدلت..تتمة

فشل النموذج التنموي الحالي في تلبية طموحات ومتطلبات المواطنين، خاصة أنه لم يحد من الفوارق االجتماعية واالختالالت المجالية ولم يحقق عدالة اجتماعية، نظرا التساع دائرة الفقر وعدم مالءمة مناهج التدريس والتعليم مع سوق العمل والتطور التقني، مما ساهم في تنامي نسبة البطالة في أوساط الشباب وخريجي الجامعات والمعاهد، نعوزه وجهة نظرنا الى عدم اإلشراك الفعلي للمجتمع المدني فيه واقصاءه من أبرز صالحياته و برامجه وسياساته، وهو ما يعد حتما انتهاكا حقيقيا لألدوار التي منحها إياه الدستور األخير. وبالتالي، نقر اليوم أن المجتمع المدني المغربي مع موعد استثنائي ال نعتقده سيتكرر ليكرس أدواره التاريخية وليبرهن على قدرته في قيادة القاطرة التنموية الوطنية، ويكون بذلك دعامة أساسية للمساهمة في بناء صرح هذا النموذج التنموي الجديد أوال، ثم انخراطه الفعلي في تجديده، و أخيرا في انجاحه. لكننا في نفس الوقت، نؤكد أن نجاح هذا النموذج التنموي الجديد بكل مراحله النظرية والعملية رهين بمدى اإلشراك الفعلي والحقيقي لفعاليات المجتمع المدني المغربي في مختلف جهات المملكة، بل وتمكينه من أدواره وصالحيته الشرعية والمشروعة التي أكسبها إياه الدستور األخير، وأيضا رهين باألخذ بعين االعتبار باقتراحاته وأراءه وملتمساته. وبالتالي، نؤكد أن مسألة المشاركة الفعلية للمجتمع المدني في صياغة مالمح هذا النموذج التنموي الجديد وانجاحه رهينة بمدى تفعيل عدة إجراءات عملية استعجالية لتخليص الفاعل المدني من المشاكل التي يعاني منها ومن القيود التي تكبله عن القيام بأدواره على أتم وجه، حيث نرى أن تأهيل الحقل الجمعوي في المغرب هو المدخل الحقيقي للمشاركة الفاعلة شريك حقيقي للتغلب على المعضالت والمشاكل المحلية، وذلك بعيدا عن الحسابات الخاصة الضيقة. 7ـ تأهيل الفعل الجمعوي المغربي عبر تكوين دورات تكوينية لصالح للفاعلين الجمعويين، خاصة فيما يتعلق بالتسيير السليم وبالقيادة الرشيدة، ليكون بالتالي قادرا على قيادة العجلة التنموية المحلية وأكثر تفاعال مع القضايا المحيطة به. 8ـ العمل على إعادة المعنى الحقيقي للفعل المدني المغربي ولكل مؤسساته، من خالل تمكينه من الصالحيات التشريعية والقانونية، وأيضا اإلشادة بأدواره البارزة عبر القنوات اإلعالمية. 9ـ حل المعضالت القانونية التي تكبل المجتمع المدني عن القيام بالوظائف التي أنيطت به، خاصة فيما يرتبط بشروط تنظيم االحسان العمومي. 10ـ تمكين المجتمع المدني المغربي من الصالحيات التي أقرها الدستور األخير في مقدمتها تقديم العرائض والملتمسات، عبر اعادة النظر في الشروط “التعجيزية” التي تحول دون انخراطه في ورش الديموقراطية التشاركية. 11ـ إعادة النظر في شروط واج ارءات الولوج الى الهيئات االستشارية المحدثة في مختلف الجماعات الترابية، وجعل الكفاءة والنجاعة والدينامية هي الفيصل بعيدا عن العالقات “الشخصية”. 12ـ إصالح المنظومة الضريبية الموجهة نحو العمل الجمعوي، وتعويضها بنظام جبائي مالئم يشجع الفعل الجمعوي على التطور، ويأخذ بعين االعتبار الصفة الغير الربحية لمنظماته. 13ـ تسهيل المسطرة القانونية المتعلقة بتمويل الجمعيات والفعاليات المدنية األخرى، مع األخذ بعين االعتبار في ذلك المشاريع األكثر شمولية ووزنا، حتى يتأتى لهذه الفعاليات االنخراط الفعلي في عجلة التنمية المحلية. 4ـ تأهيل اإلدارة المغربية في عالقتها مع العمل المدني، عبر تنظيم دورات تكوينية لرجال السلطة وموظفي االدارات العمومية وحمالت تحسيسية للتوعية بأهمية العمل المدني في قاطرة التنمية الوطنية. 15ـ إعادة االعتبار لمكسب الديموقراطية التشاركية لتكون مثل نظيراتها النيابية والتمثيلية، عبر مراجعة القوانين المنظمة لها التي يراها اليو م الفاعل الجمعوي المغربي شروطا “تعجيزية” لحرمانه من هذه المكسب، وذلك لما للديموقراطية التشاركية من دور كبير في حل الكثير من المشاكل االجتماعية واالقتصادية. 16ـ تمكين المجتمع المدني من إعالم نزيه وحقيقي للتعريف به وبمشاكله وبقضاياه، إذ أصبح اليوم كما هو معروف إحدى الركائز المؤثرة في الحياة المعاصرة بمختلف تجلياتها. 17ـ تفعيل الحصانة القانونية للفاعل المدني، خاصة خالل اجتماعاته و أنشطته وحمالته وخرجاته وتظاهراته، كما ينبغي حمايته من كل المضايقات واألخطار المحدقة به. 18ـ تسهيل استفادة الفاعل المدني من القاعات والفضاءات العمومية، وأيضا تنظيم اللقاءات والتظاهرات العلمية والثقافية من أجل المساهمة في اغناء النقاش العمومي واالرتقاء به. 19ـ كما نرى أيضا، من واجب النموذج التنموي الجديد أن يستجيب للمعضالت العالقة في مجال التطوع، عبر تقنينه قانونيا وتشجيعه ماديا ألن العمل التطوعي هو أساس تقدم ورقي الدول والمجتمعات. 21ـ تثمين المجهودات والحصيلة االيجابية التي حققها المجتمع المدني المغربي في معركته ضد فيروس كورونا، و األخذ بعين االعتبار بتوصياته وملتمساته التي توصل اليها. 21ـ وأخيرا، ندعوا الدولة وكافة الشرائح المدنية الى الكف عن “تمييع” الحقل الجمعوي بمختلف األشكال والعمل على الحد منه، وجعل الكفاءة والمستوى العلمي ودرجة األهلية والطموح من شروط الولوج الى هذا المجال، من أجل قطع الطريق عن “االنتهازيين”

بقلم : زوهير أيت سعيد احقي ميدلت / فاعل جمعوي وباحث في تاريخ المغرب الراهن
مراسلة / سلمات : أرض بلادي : إقليم ميدلت