المجلس الاقتصادي …. الطبقة الوسطى الاكثر تأثرا بسبب ارتفاع الأسعار 

جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

سلط المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الضوء على تداعيات استمرار التضخم على الأسر المغربية، مبرزا، خلال تحليله للوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بالمغرب لسنة 2022، أن المنحى التصاعدي لارتفاع الأسعار، لا سيما أسعار المنتجات الغذائية، يؤثر بشكل قوي على الأسر ذات الدخل المحدود نظرا لكون هذه المنتجات تحتل مكانة أكبر في سلة استهلاكها.

وحسب ما جاء في التقرير السنوي للمجلس، في الشق المتعلق بالتضخم وارتفاع الأسعار، شهد المغرب منذ الفصل الأخير من سنة 2021، ارتفاعا ملموسا في الأثمان عند الاستهلاك، مع تسجيل معدلات تضخم غير مسبوقة بلغت نسبة قصوى تجاوزت 10 في المائة خلال شهر فبراير 2023، بعدما سجلت نسبة متوسطة سنة 2022 بلغت 6,6 في المائة.

 

الطبقة الوسطى الأكثر تأثرا

 

وتجد الطبقة الوسطى نفسها أكثر تأثرا بالتضخم، نظرا لافتقارها لما يكفي من القدرة المالية وهامش المناورة لمواجهة صدمات تضخمية مهمة، ويعزى ذلك، حسب تقرير المجلس، إلى لجوئها في غالب الأحيان إلى الخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة، التي يوفرها القطاع الخاص بأسعار أعلى، “وذلك في ظل خدمات عمومية لا تزال جودتها دون الحاجيات والتطلعات”.

 

وحول أبرز الأسباب المؤدية إلى التضخم، أوضح المجلس أنه يعزى أساسا إلى عوامل مرتبطة بالعرض وكلفة الإنتاج بالنسبة لبعض القطاعات، “لكنه يتأثر أيضا بممارسات محتملة منافية لقواعد المنافسة وكذا لاختلالات في مسارات التسويق، دون إغفال احتمال ظهور وتطور ممارسات لبعض المنتجين تتعلق بهامش الربح، في ما يعرف بظاهرة “الجشع التضخمي”.

 

وأضاف أن تعدد وتعقد العوامل التي تفسر ارتفاع الأسعار خلال الأشهر الماضية زاد من حدة الشكوك بشأن مدى نجاعة التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية وقدرتها على كبح التضخم.

 

وفي ما يتعلق بجهود ثبات توقعات التضخم من خلال الزيادات المتتالية في سعر الفائدة الرئيسي، يرى المجلس، في تقريره السنوي الـ12، أن تأثيرها قد يتضاءل في حال استمرار ارتفاع الأسعار، لافتا إلى أنه “رغم مختلف عمليات رفع سعر الفائدة، إلا أن أغلب الأسر، حسب مؤثر ثقة الأسر، تعتقد أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، الذي يعزى أساسا إلى عوامل العرض سيستمر في هذا المنحى”.

 

وفي هذا الإطار، أبرزت نتائج الاستشارة المواطنة التي أطلقها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على المنصة الرقمية “أشارك” حول ارتفاع الأسعار والقدرة الشرائية، أن أزيد من نصف المشاركات والمشاركين (54 في المائة) يتوقعون أن تشهد الأسعار ارتفاعا خلال الأشهر الستة المقبلة. فيما يرى 17,5 في المائة منهم أنها ستعرف استقرارا.

 

في المقابل، يرى 12,8 في المائة من المستجوبين أن الأسعار ستشهد انخفاضا طفيفا، في حين يتوقع 2,1 في المائة فقط أنها ستشهد تراجعا.

 

ممارسات منافية لقواعد المنافسة

 

وفي ضوء التشخيص الذي قام به المجلس وجلسات الإنصات والاستشارة المواطنة التي أطلقها، اقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملة من التدابير الإضافية على المدى القصير لتعزيز التدابير التي جرى اتخاذها على رأسها؛ تعزيز عمليات مراقبة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة مع تطبيق عقوبات رادعة بما يكفي، واعتماد تدابير كفيلة بالتقليص من مراكمة هوامش الربح المبالغ فيه.

 

ودعا المجلس إلى النظر في إمكانية اتخاذ تدابير مؤقتة لتقنين أسعار بعض المنتجات الأساسية التي شهدت ارتفاعا مهما أو التي تكتسي أهمية بالغة بوصفها مدخلات مشتركة في باقي المنتجات، “لا سيما وأن المادتين 4 و5 من القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة تتيحان هذه الإمكانية”.

 

كما شدد على ضرورة التصدي للتضخم الذي يهم المنتجات الغذائية، من خلال العمل على دعم المدخلات الفلاحية على وجه الخصوص (البذور، منتجات الصحة النباتية، علف الماشية..).

 

وطالب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالإسراع بإصلاح أسواق الجملة، عبر إرساء نظام تدبير مفتوح أمام المنافسة وجعل ولوج المهنيين إليه مشروطا باحترام دفتر التحملات، مع تيسير الولوج اللوجيستيكي لصغار الفلاحين والتعاونيات لهذه الأسواق.

 

تخفيض استثنائي لسعر الضريبة

 

من جهة أخرى، أكد المجلس على أهمية العمل على إصدار المراسيم التطبيقية للقانون رقم 37.12 الذي دخل حيز التنفيذ في يوليوز 2021 والذي تسمح مقتضياته بتسويق المنتجات الفلاحية المنتجة في إطار مشاريع التجميع الفلاحي مباشرة دون إلزامية المرور عبر سواق الجملة

 

ويرى أنه بات من الضرورة العمل قدر الإمكان على ضمان شفافية السوق شفافية تامة، من خلال النشر الدائم للمعلومات حول الكميات المتداولة، والأسعار، وهوامش الربح، وذلك ارتكازا على نظام معلوماتي خاص بهذا الأمر، بالإضافة إلى منح مساعدات مباشرة للأسر المعوزة لتخفيف تأثير التضخم على قدرتها الشرائية.

 

وختم المجلس توصياته المتعلقة بنقطة اليقظة الثانية التي تهم ارتفاع الأسعار، بالتأكيد على دراسة جدوى إجراء تخفيض استثنائي لسعر الضريبة على القيمة لمضافة، يهم بشكل خاص المنتجات الأساسية التي يؤثر ارتفاعها على سلة استهلاك الأسر المعوزة والأسر المنتمية للشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى.

 

يشار إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، سلط الضوء، في إطار تقريره السنوي الثاني عشر، على مجموعة من نقاط اليقظة ذات الطبيعة الظرفية والهيكلية، والتي تتعلق أساسا باستمرار التضخم في أسعار المواد الغذائية، وضعف معدل نشاط المرأة، ونجاعة الاستثمار، والنقص في الأطر الطبية.