جريدة أرض بلادي _تحرير/ نصيرة بنيوال
في السادس من نوفمبر عام 1975، صنع الشعب المغربي تحت قيادة الملك الراحل الحسن الثاني، طيب الله ثراه، ملحمة وطنية ستظل محفورة في تاريخ المغرب والعالم إلى الأبد. حينما انطلق أكثر من 350 ألف مغربي ومغربية، من مختلف جهات المملكة، حاملين المصاحف و الأعلام المغربية، كانوا يجسدون روح الوحدة الوطنية و التضامن القوي خلف قيادتهم الحكيمة لاسترجاع أراضيهم بالصحراء المغربية بطريقة سلمية حضارية أذهلت العالم.
رؤية الحسن الثاني الحكيمة و تأثيرها العالمي
كانت المسيرة الخضراء تجليا لرؤية الملك الحسن الثاني، الذي اختار هذا المسار الفريد لإعادة الحقوق التاريخية للمغرب، و بفضل هذا الحدث الاستثنائي، أدرك العالم أهمية الدبلوماسية الشعبية و السلمية كوسيلة لحل النزاعات. حين دعا الحسن الثاني الشعب المغربي للمشاركة في هذه المسيرة، أرسل رسالة للعالم حول قدرة الشعوب على استرجاع حقوقها دون عنف، و كان المغرب بذلك نموذجا يحتذى به، مما ألهم العديد من الشعوب الأخرى و أظهر أن العمل الجماعي السلمي يمكن أن يكون أكثر فعالية من القوة.
لم يكن هذا القرار مجرد سياسة داخلية، بل قدم نموذجًا جديدًا في الدبلوماسية العالمية، معززا مكانة المغرب بين الدول، حيث أظهر للعالم إصرار القيادة المغربية وشعبها على الحفاظ على سيادة وطنهم بأسلوب سلمي حضاري. و منذ ذلك الحين، أصبحت المسيرة الخضراء رمزا عالميًا للدفاع السلمي عن الحقوق، ودليلا على الحكمة و الرؤية الثاقبة في إدارة القضايا الوطنية.
استمرارية المسيرة تحت قيادة الملك محمد السادس
اليوم، و بعد أكثر من أربعة عقود، يستمر المغرب في الحفاظ على إرث المسيرة الخضراء، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس. فمنذ توليه العرش، أخذ على عاتقه تعزيز الوحدة الوطنية، ومواصلة التنمية الشاملة في الأقاليم الجنوبية، مع فتح آفاق جديدة لتحقيق الازدهار لأبناء الوطن. و قد عكست سياسات الملك محمد السادس رؤيته المتبصرة وحرصه على تمكين الأقاليم الجنوبية عبر تطوير البنية التحتية، و توفير فرص عمل، و تحسين ظروف العيش، ما جعلها جزءا متكاملا من مسيرة التنمية المستدامة للمملكة.
تلاحم الشعب المغربي مع قيادته
إن الشعب المغربي، في كل مناسبة وطنية، يجدد عهده بالوفاء و الولاء للملك و للوطن. و من خلال إحياء ذكرى المسيرة الخضراء، يعبر المغاربة عن ارتباطهم العميق بهذا الإرث الوطني العظيم، و وفائهم للقيادة الحكيمة. تجلت هذه الروح في التلاحم التاريخي الذي توارثته الأجيال، مؤكدةً أن وحدة المغرب لا تقتصر على الأجيال السابقة بل تستمر و تتجدد في كل جيل.
دروس من المسيرة الخضراء: رمز للوحدة و السلم
تبقى المسيرة الخضراء درسا عميقا في الدبلوماسية الشعبية والسلمية، وأصبح هذا الحدث رمزًا عالميًا يعبر عن قدرة الشعوب على تحقيق أهدافها بأسلوب حضاري. فقد علمت الأجيال قيمة الوحدة الوطنية، وأكدت أن المغرب، بقيادته وشعبه، قادر على تحقيق أهدافه الوطنية بأعلى درجات التحضر. ستبقى المسيرة الخضراء خالدة في قلوب المغاربة، ليس فقط كحدث تاريخي، بل كنموذج للتماسك الوطني و تأثيره العابر للحدود.
في ظل قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده، يستمر الشعب المغربي في الحفاظ على روح المسيرة الخضراء وتجديد العهد بمواصلة مسيرة التقدم والنماء. إن هذا الإرث العظيم لا يعكس فقط التلاحم الفريد بين الشعب وقيادته، بل يُبرز المغرب أيضًا كرمز للوحدة الوطنية والسلمية التي ألهمت العالم، ويمثل درسًا خالدا في تحقيق الحقوق بأسلوب سلمي حضاري يليق بالأمم العظيمة.