جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

استضاف إقليم الناظور يوم الأحد 23 نونبر 2025 فعالية بارزة تحت عنوان “الملتقى النقابي للتنمية المندمجة”، نظمها الاتحاد الإقليمي للنقابات التابع للاتحاد المغربي للشغل. بمشاركة نخبة من الناشطين النقابيين والمسؤولين العموميين والمتخصصين والرجال الأعمال وأعضاء المجتمع المدني، انطلق الملتقى برسالة “العمل النقابي شريك في التنمية الشاملة”، ليفتح آفاقاً واسعة نحو تحويل الإقليم إلى مركز اقتصادي واجتماعي نابض.

جاء الملتقى في وقت يشهد فيه الإقليم زخماً تنموياً استثنائياً، مدعوماً بمشاريع استراتيجية كبرى مثل مارتشيكا والميناء، مما يفتح الباب أمام مرحلة نمو متسارع. لم يقتصر الحدث على تحليل الواقع فحسب، بل سعى إلى صياغة خطة واقعية قابلة للتطبيق، مستنداً إلى بيانات ميدانية وخبرات محلية.
تميز التنظيم بتقسيم الحضور إلى سبع ورشات عمل متخصصة، برئاسة مسيرين ومقررين، مما أتاح حواراً متوازناً ومثمراً، وشجع على تبادل الآراء بين كل الفاعلين.

أبرزت مناقشات الملتقى تحليلاً دقيقاً للوضع الحالي، حيث حددت الورشات التحديات الرئيسية:
· الصحة العمومية: ضعف الإمكانيات التحتية، وقلة الاختصاصات الطبية، مع الحاجة إلى تعزيز الإسعاف والحوكمة.
· التعليم والتكوين: انخفاض مستوى الجودة، وعدم التوافق مع احتياجات سوق العمل، مع مطالب بتوجيه مبكر وتكييف التدريب المهني لمتطلبات المنطقة.
· الفلاحة والصيد البحري: نقص المياه، ووضعية غير مستقرة للصيادين، وإخفاق في اللوجستيك، مع التركيز على استراتيجيات بيئية مستدامة.
· الاقتصاد المحلي والسياحة: رغم الساحل الجذاب والتراث الثقافي والمناخ الدافئ، يفتقر القطاع السياحي إلى خطة متكاملة واستثمارات كافية.
· التمويل: صعوبات الوصول إلى الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة، مع دعوة البنوك لتعزيز دورها في تمويل المبادرات الاستثمارية.
· الحقوق الشغلية: انتشار التشغيل غير المنتظم في مجالات مثل التجارة والبناء، مع ضرورة تشديد الرقابة على تطبيق مدونة الشغل.
· البنيات التحتية: عدم وجود نظام نقل حضري متقدم، وفجوة في الاتصال بين الريف والمدينة، مما يقلل من جاذبية الاستثمار.
رؤية مستقبلية: الناظور كقطب متوسطي مزدهر
تفقد المشاركون إلى إمكانيات الإقليم الفريدة، التي تجعله مرشحاً ليكون:
· مركزاً اقتصادياً متوسطياً بموقعه الاستراتيجي وميناء بني أنصار.
· وجهة للسياحة البيئية والخدمات.
· قاعدة لوجستيكية للتجارة العالمية.
· مركزاً للتدريب المهني المتقدم.
توصيات عملية لدفع التنمية
انتهى الملتقى بمجموعة من الاقتراحات الدقيقة، من أبرزها:
1. السياسات العمومية: إعداد خطة جهوية مخصصة تتناسب مع خصائص الناظور، وتسريع تنفيذ المشاريع الكبرى.
2. البنيات التحتية: إنشاء شبكة نقل حضري شاملة، وترميم الأسواق الأسبوعية، وتعزيز الطرق الرابطة.
3. التنمية الاقتصادية: إطلاق برامج دعم للمشاريع الصغيرة والشبابية، وجذب الاستثمارات السياحية، ودمج السياحة الريفية في الدعم الحكومي.
4. الحماية الاجتماعية: زيادة حملات التفتيش الشغلي لضمان الحد الأدنى للأجور ومكافحة التشغيل غير الرسمي.
5. الحكامة المحلية: تأسيس مرصد جهوي للتنمية، وإشراك النقابات والمجتمع المدني في وضع البرامج ومتابعتها.

أكد الملتقى أن الناظور يملك الإمكانيات، وأن العائق ليس في الموارد بل في الرؤية الواضحة والتنسيق الفعال. كما عزز دور النقابات كلاعب أساسي في صنع القرارات التنموية، متجاوزاً الدفاع عن العمال إلى المساهمة في سياسات عادلة.
بهذا الشكل، قدم الملتقى نموذجاً للتعاون الجماعي، مؤكداً أن بناء الإقليم مسؤولية مشتركة لكل القوى النشيطة، في سياق مغرب يبني مستقبله بجهود أبنائه.

