النموذج التنموي الجديد: المحاور الاستراتيجية للتحول

جريدة ارض بلادي_محسين الادريسي_

من أجل تحقيق الطموحات والأهداف الأساسية التي ينشدها، ارتكز النموذج التنموي الجديد على أربعة محاور رئيسية للتحول، قال التقرير إنه سيكون من اللازم إنجازها وفقا للمبادئ والمقاربات التي تدعو إليها مرجعية التنمية والتوجه التنظيمي.

اقتصاد منتج قادر على خلق قيمة مضافة ومناصب شغل

 

يدعو التقرير، في هذا الإطار، إلى إزالة الحواجز الإدارية والتنظيمية بطريقة نسقية، وضمان منافسة سليمة وتقوية أجهزة الضبط، حماية المقاولات بواسطة آليات فعالة للتظلم والطعن، وتوجيه الفاعلين الاقتصاديين إلى الأنشطة المنتجة من خلال وضع آلية جديدة منسجمة لأجل قيادة وتنفيذ السياسات القطاعية ومراجعة الإطار التحفيزي للاستثمار من أجل توجيه المستثمرين إلى الأنشطة المنتجة. كما اقترح دعما أقوى لتنمية المقاولات الصغرى والمتوسطة، وسن التمويل الإرادي لتنويع الإنتاج والابتكار، وتطوير المنظومة المواكبة للمقاولات، وتوظيف الطلبيات العمومية كرافعة استراتيجية للتنمية المنتجة، إضافة إلى إدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي بكيفية تدريجية وملائمة لمختلف الفاعلين.

 

ويقترح في هذا الصدد، أيضا، إحداث ما وصفها بـ”صدمة تنافسية”، عبر تخفيض تكلفة الطاقة عن طريق إصلاح القطاع واللجوء إلى الطاقات المتجددة ذات المستوى المنخفض من انبعاثات الكربون، وتخفيض تكاليف الإنتاج المتعلقة باللوجستيك وتحسين جودة الخدمات عبر إعادة هيكلة هذا القطاع، مع تنمية مناطق الأنشطة بالجودة المطلوبة وبأثمنة تنافسية متاحة لمختلف المقاولات وضمان حوار اجتماعي منتظم، يأخذ بعين الاعتبار التحولات الحالية والمستقبلية لعالم الشغل، وأخيرا إرساء إطار ماكرو-اقتصادي في خدمة التنمية، واعتماد إطار تأسيسي للاقتصاد الاجتماعي الجديد، وتشجيع التدبير المفوض لبعض الخدمات العمومية من طرف الفاعلين في قطاع الاقتصاد الاجتماعي باعتماد منهجية تجريبية.

 

رأسمال بشري معزز وأكثر استعدادا للمستقبل

 

هذا الاختيار تريده اللجنة أن يعتمد على مدرسة عمومية مغربية تستعيد ثقة الأسر المغربية من كل الفئات الاجتماعية، وتلقن القدرات الأساسية لجميع التلاميذ وتغدو ضامنة لتكافؤ الفرص، من خلال الاستثمار في تكوين وتحفيز المدرسين ليصبحوا ضامنين للتعلمات، وتجديد المحتويات والطرق البيداغوجية لتعليم فعال ومحفز.

 

كما يرتكز على نظام تعليمي عالي يحضر كل شاب لإدماج سوسيو مهني ناجح، من خلال تطوير مؤهلاته الأكاديمية والأفقية ومواكبته في كل مرحلة من مساره. وضمان الولوج لخدمات صحية ذات جودة وللحماية الصحية باعتبارها حقوقا أساسية للمواطنين، وضمان التمكين الذاتي لمؤسسات التعليم العالي وتعزيز حكامتها، ووضع الطالب في صلب الإصلاحات وإجراءات حسن أداء التعليم العالي والمهني، وتعزيز تثمين التكوين المهني وتطوير طرق التكوين بالتناوب وبواسطة التدرج في الوسط المهني على نطاق واسع.

 

ويدعو أيضا إلى دعم طلب العلاجات من خلال تعميم الولوج إلى التغطية الصحية وإعداد سلة علاجات قابلة للتطور، وإعادة تنظيم مسار العلاجات من المستوى الجماعاتي إلى المستوى الجهوي وتسريع رقمنة النظام الصحي، ودعم المستشفى العمومي وتشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص، ومراجعة عميقة لحكامة النظام الصحي على جميع المستويات، مع تقوية البعد الترابي لهذه الحكامة.

 

فرص لإدماج الجميع وتوطيد الرابط الاجتماعي

 

يعتمد هذا الاختيار الاستراتيجي على تمكين النساء من الاستقلالية وضمان المساواة بين الجنسين والمشاركة، وتشجيع إدماج وازدهار الشباب بالزيادة في فرص وسبل المشاركة المتاحة لهم، والنهوض بالتنوع الثقافي كرافعة للانفتاح، للحوار وللتماسك، وضمان قاعدة أساسية من الحماية الاجتماعية تعزز الإدماج والقدرة على التحمل وتجسد التضامن بين المواطنين.

 

ويرتكز على دعم آليات التربية والتكوين والإدماج والمواكبة والتمويل المخصصة للنساء، رفع الإكراهات الاجتماعية التي تحد من مشاركة النساء، وتقوية الإدماج المهني للشباب، ودمج قوي للثقافة في بيئة المنظومة التربوية، دعم وتنشيط إنتاج ثقافي وإعلامي مبتكر يتسم بالجودة ويساهم في إغناء الحوار والتحسيس والإشعاع الدولي للمغرب، وتسريع المجهودات لإدماج العمل غير المنظم والتصريح بالأجر ومحاربة الغش الاجتماعي، مع تحديث حكامة نظام الحماية الاجتماعية وضمان فعالية تدخلاته.

 

مجالات ترابية لترسيخ أسس التنمية

 

يدعو التقرير إلى العمل على انبثاق “مغرب الجهات” مزدهر وحيوي، وضمان إعادة تنظيم متجدد للمستويات الترابية وتشجيع ترابطها، عبر تسريع عملية الجهوية المتقدمة موازاة مع التمركز فعلي، وتعزيز الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية.كما يقترح إرساء منظومات مندمجة للدفع بعجلة الاقتصاد على مستوى الجهات، فضلا عن تعزيز الديمقراطية التشاركية على مستوى المجالات الترابية، وإعادة التفكير في توسيع الخدمات العمومية بالعالم القروي عبر استثمار “الدائرة” كبنية للتنسيق.

 

كما يدعو إلى تيسير تهيئة مندمجة للمجالات الترابية وتحسين السكن وإطار العيش وتعزيز الربط بالشبكات والتنقل، والحفاظ على الموارد الطبيعية وتقوية قدرات الصمود لدى المجالات الترابية أمام التغيرات المناخية، والحفاظ على الموارد المائية النادرة لصالحنا ولصالح أبنائنا والأجيال المقبلة، ودعم أكبر للفلاحة التضامنية والعائلية من أجل صمود العالم القروي.