وجه رئيس الحكومة انتقادات واسعة للنقابات العمالية، وذلك على خلفية منطق شد الحبل الذي تمارسه مع السلطة التنفيذية بخصوص مناقشة مشاريع القوانين بمجلس المستشارين، والذي تم عرضه، أمس الاثنين، على أنظار لجنة المالية وقاطعه نقابيون.
واستغرب عبد الإله بنكيران، اليوم الثلاثاء، في مجلس النواب، ضمن الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسيات العمومية حول نتائج الحوار الاجتماعي، مسارعة جل المركزيات النقابية إلى الدعوة إلى إضراب وطني في الوظيفة العمومية قبل الإعلان عن نهاية جولة الحوار الاجتماعي، مستنكرا ما قامت به بعض النقابات من “عرقلة مناقشة مشاريع القوانين بمجلس المستشارين بشكل يتنافى تماما مع دور وأخلاقيات هذه المؤسسة الدستورية”، بحسب وصفه.
وفي هذا الصدد، خاطب رئيس الحكومة النقابات العمالية بالقول إن “الوضعية الاقتصادية عموما، والمستوى الذي وصلت إليه كتلة الأجور، لا تسمح بأي هامش للتحرك بالنسبة للحكومة”، مبررا ذلك بكون المملكة لم تتعاف بعد كليا من تداعيات الظرفية الاقتصادية والمالية الصعبة التي مرت بها، والتي أخلّت بالتوازنات المالية الكبرى.
بنكيران كشف أمام نواب الأمة أن ثلاث مركزيات نقابية طالبته بتوقيع اتفاق جديد مع الحكومة على شاكلة اتفاق 26 أبريل 2011، مع التنصيص على إعادة إصلاح نظام المعاشات المدنية إلى طاولة المفاوضات، موضحا أن المذكرة التي قدمتها تضمنت مطالب يقدر أثرها المالي بـ 40 مليار درهم سنويا، في حين عبّر الاتحاد العام لمقاولات المغرب عن عدم قبول أي زيادة في الحد الأدنى للأجر أو في المعاشات.
مقابل مطالب النقابات التي وصفها بالتعجيزية، أكد بنكيران أنه “بعد دراسة مطالب مختلف الأطراف، وفي إطار ما تسمح به إمكانيات الدولة حاليا، اقترحت الحكومة في البداية على الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين عرضا بتكلفة مالية قدرها 2 ثم 3 لتصل إلى 6 مليارات درهم”، مشيرا إلى أن ضمنها الرفع من التعويضات العائلية من 200 إلى 300 درهم في الشهر عن كل طفل في حدود ثلاثة أطفال، ومن 36 إلى 136 درهما في الشهر عن كل واحد من الأطفال الآخرين؛ وهو ما يعني زيادة في الأجر قد تصل إلى 600 درهم شهريا.
“الزيادة في منحة الولادة من 150 درهما عن كل ولادة إلى ألف درهم، بكلفة مليار درهم، علما أن هذه المنحة لم تعرف أي تغيير منذ 1958″، يكشف رئيس الحكومة عن عرضه لشراء السلم الاجتماعي مع النقابات، موضحا أنه تم “إحداث درجة جديدة بالنسبة للهيئات المرتبة في الدرجات والسلالم الدنيا، لاسيما المساعدون الإداريون والمساعدون التقنيون، مع مواصلة الحوار حول إحداث درجة جديدة بالنسبة لباقي الهيئات المعنية بطريقة تدريجية”، معلنا عن الرفع من الحد الأدنى للمعاش من 1000 إلى 1500 درهم، بكلفة 500 مليون درهم، وإطلاق المشاورات بشأن إصلاح التعويض عن الإقامة والمناطق النائية.
وردا على الانتقادات التي توجه للحكومة بكونها عطّلت الحوار الاجتماعي، نفى بنكيران ذلك بالتأكيد على “حرص الحكومة طوال السنوات الخمس الماضية على عقد اجتماعات الحوار الاجتماعي؛ حيث عقدت مع الشركاء الاجتماعيين ما بين 2012 و2015، 8 جولات للحوار، فضلا عن اجتماعات اللجان الموضوعاتية واللجان القطاعية، واللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد”، مضيفا أنه “خلال شهري أبريل وماي للسنة الجارية، تم عقد 4 جولات للحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف برئاسة رئيس الحكومة”.