جريدة ارض بلادي_ أمينة حيبوب
يا لسعادتي، وأنا جالسة، هذا المساء، أحتسي فنجان قهوتي أمام مرآتي الحبيبة، ساردة عليها قصة طالها النسيان، قصة نفضت عليها، اليوم، غبار السنين، قصة ظلت دفينة بداخلي.
احتوتني المرآة عاكسة صورا من شريط ذكرياتي الحافل بالمسرات والأحزان. نظرت إليها بانتشاء كبير، وأطلقت العنان لمشاعري الفياضة للبوح بما جثم على صدري لأعوام.
خلت نفسي بحضور أخصائي، يجلس على كرسي من الجلد الأسود، وأنا مستلقية على ظهري فوق أريكة حمراء ناعمة، مغمضة العينين، أغوص في أعماقي، بدون تنويم، باحثة عن الحقيقة، حقيقة وجودي من عدمه.
أفتح عيني لأنظر، بين الفينة والأخرى، إلى مرآتي مبتسمة، فتعكس ابتسامتي مشجعة إياي على مواصلة السرد.
كيف لأشياء بسيطة أن تدخل السعادة على قلوب قهرها الزمن، في جلسة صفاء مع النفس، واعتراف من القلب إلى القلب. قلوب تبحث عن الصدق ، والحب، والسعادة بجانب من تحب. هي مشاعر بداخلنا. يكفي أن ننصت، ونجيد الإنصات إلى تلك الدقات، وإلى تلك الآهات، ونسافر عبر الزمن إلى زمن آخر، زمن ينسينا من نحن؟ وأين نحن؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟
وأنا أواصل سردي، سمعت صوت النادل يقول:
-“إليك الفاتورة، سيدتي”.
نظرت حولي، يكاد المقهى يفرغ من الزبائن…
لم يكن حلما، المرآة التي أسرتني، كانت أمامي. لقد سردت عليها قصتي. كانت في الاستماع إلي. فهل ستظل أمامي، أم هي سحابة صيف عابرة أو قوس قزح ستظهر كل شتاء أم شمس ستشرق كل صباح؟
كم أحتاجك مرآتي.
وتستمر الحكاية…