أرض بلادي _تحرير الأستاذة : نصيرة بنيوال
الجزء الثاني : بين الصيف والعودة إلى المؤسسات التعليمية: دعم المتمدرسين عند العودة إلى المدرسة: تحديات وحلول نفسية واجتماعية
مع بداية كل عام دراسي جديد، يواجه الطلاب والأسر تحديات متعددة تتجاوز مجرد العودة إلى الفصول الدراسية. فمرحلة الانتقال من فترة الراحة الصيفية إلى الروتين المدرسي تثير العديد من المخاوف النفسية والاجتماعية. كيف يمكن للأسرة والمدرسة معا مواجهة هذه التحديات وتوفير الدعم اللازم؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، حاورت الأستاذة سارة هكو، المختصة في الإرشاد التربوي والنفسي، التي قدمت رؤى مهمة حول تأثير العودة إلى المدرسة على الصحة النفسية للمتمدرس ودور المحيط الاجتماعي في توفير بيئة داعمة….
*التحديات النفسية التي تواجه المتمدرسين*
تشير الأستاذة سارة إلى أن الضغوط النفسية تتزايد مع اقتراب العودة إلى المدرسة. العديد من الطلاب و التلاميذ يشعرون بالقلق حول مواجهة المتطلبات الأكاديمية والاجتماعية، ويواجهون صعوبة في التكيف مع الروتين المدرسي بعد فترة من الحرية والاسترخاء. قد تظهر هذه الضغوط في شكل قلق أو اكتئاب خفيف، خاصة بين الأطفال الذين يجدون صعوبة في الانتقال من حياة اللعب والانطلاق إلى الانضباط المدرسي.
تؤكد الأستاذة سارة أن هذه المشاعر طبيعية إلى حد كبير، ولكن إذا تركت دون معالجة صحيحة، فقد تتفاقم وتؤدي إلى مشكلات نفسية أكثر تعقيدا مثل العزلة الاجتماعية أو حتى الانسحاب من الأنشطة المدرسية. هنا يأتي دور الأسرة والمدرسة في تقديم الدعم المناسب لتخفيف هذه التوترات .
*تأثير اختلاف الأعمار على الاستجابة النفسية*
تلعب الفئة العمرية دورا حاسما في تحديد نوعية التحديات النفسية التي يواجهها الأطفال . فالصغار غالبا ما يعانون من قلق الانفصال عن الأهل عند بدء المدرسة ، خاصة إذا كانت هذه تجربتهم الأولى في بيئة تعليمية نظامية. و يشكل التأقلم مع المعلمين والزملاء الجدد تحديا كبيرا لهم ، مما يتطلب رعاية خاصة واهتماما من المدرسين و الأهل لدعمهم في هذه المرحلة الانتقالية .
على الجانب الآخر ، يعاني المراهقون من ضغوط أكثر تعقيدا تشمل التوقعات الأكاديمية العالية، وضغوط العلاقات الاجتماعية مع الأقران. التغيرات البيولوجية والنفسية التي يمر بها المراهقون تجعلهم أكثر عرضة لمشاعر التوتر والغضب، و يحتاجون إلى توجيه يساعدهم على تنظيم تلك المشاعر بطريقة صحية .
*كيفية التعامل مع التعبير عن المشاعر*
من خلال تجربتها، تؤكد الأستاذة سارة أن طرق تعبير الأطفال والمراهقين عن مشاعرهم تختلف بشكل كبير . فالأطفال الصغار يعبرون عن توترهم أو غضبهم غالبا من خلال سلوكيات ظاهرة كالصراخ أو البكاء ، وقد يلجؤون إلى اللعب أو الرسم كوسائل تعبير غير لفظية . بينما يميل المراهقون إلى التعامل مع مشاعرهم بطريقة أكثر تعقيدا. قد يظهرون غضبهم من خلال الانسحاب الاجتماعي أو التحدث بأسلوب عدواني. في كلتا الحالتين ، من الضروري أن يتم توجيه الطلاب للتعبير عن مشاعرهم بطرق صحية من خلال الحوار والتفاعل الإيجابي مع البيئة المحيطة بهم.
*دور الأسرة في دعم أبنائهم المتمدرسين نفسيا واجتماعيا*
تلعب الأسرة دورا لا غنى عنه في مساعدة أبنائهم على مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية عند العودة إلى المدرسة . تقول الأستاذة سارة إن التواصل المفتوح بين الآباء والأبناء ضروري لتخفيف القلق. ينبغي على الأهل أن يبدوا استعدادا للاستماع لمخاوف أبنائهم وأن يقدموا لهم الدعم العاطفي اللازم . على سبيل المثال ، يمكن أن يكون الروتين اليومي المرن والمناسب للحالة النفسية للطفل ، بالإضافة إلى التشجيع على التحدث عن مشاعرهم ، خطوات مهمة في بناء الثقة بالنفس لدى الأبناء .
*دور الأطر التربوية في تعزيز الدعم النفسي*
إلى جانب الأسرة، تلعب المدرسة دورا محوريا في تقديم الدعم النفسي للطلاب . الأستاذة سارة تشدد على أن المدرسة ليست فقط مكانا للتعلم الأكاديمي ، بل هي بيئة اجتماعية تحتاج إلى خلق مناخ صحي يشجع الطلاب على الشعور بالانتماء. يجب أن يكون المدرسون والإداريون على دراية بالتحديات النفسية التي يواجهها الطلاب و التلاميذ ، و يجب أن يسهموا في توفير بيئة آمنة ، مشجعة ، و مليئة بالدعم .
تنظيم أنشطة ترفيهية أو ورش عمل تتعلق بإدارة التوتر أو التعامل مع الضغوط يمكن أن يساعد في تقليل التأثير النفسي السلبي على الطلاب . كما أن تقديم مساحات للتعبير عن الذات من خلال الأنشطة الفنية أو الرياضية يمكن أن يسهم في تعزيز التوازن النفسي .
*أهمية وجود المرشد النفسي في المؤسسات التعليمية*
في سياق دعم المتمدرسين نفسيا، أكدت الأستاذة سارة على أهمية وجود المرشد النفسي في المدارس . دور المرشد النفسي لا يقتصر فقط على مساعدة الطلاب الذين يعانون من مشكلات نفسية واضحة، بل يمتد إلى الوقاية من تلك المشكلات قبل حدوثها. من خلال تقديم جلسات إرشادية جماعية وفردية، يستطيع المرشد النفسي التعرف على الحالات التي قد تكون معرضة لخطر أكبر وتوجيههم نحو الدعم المناسب.
*دور المرشد النفسي في الحد من التسرب المدرسي*
تشير الأستاذة سارة إلى أن وجود المرشد النفسي يسهم بشكل فعال في الحد من التسرب المدرسي. المتمدرسين الذين يشعرون بأنهم لا يجدون الدعم النفسي قد يختارون ترك المدرسة نتيجة لذلك. لذلك ، فإن تقديم الدعم النفسي المناسب يساهم في تعزيز شعور الطلاب بالثقة و الانتماء ، مما يقلل من احتمالية اتخاذ قرار التسرب .
من خلال دعم الطلاب في تطوير مهارات إدارة الضغوط و التكيف مع التحديات ، يمكن أن يكون المرشد النفسي جزءا أساسيا من الجهود المبذولة للحد من التسرب المدرسي.
ختاما ، يجب أن نؤكد أن الدعم النفسي يشكل قوة غير مرئية خارقة تعزز من قدرة الطلاب و التلاميذ على التغلب على التحديات ، في حين أن الدعم الاجتماعي ، الذي يظهر بشكل ملموس ، يساهم في بناء بيئة إيجابية تدعم نموهم . إن تكامل هذين النوعين من الدعم هو ما يمكن المتمدرسين من الانطلاق بثقة نحو مستقبل مشرق.
نتوجه بخالص الشكر للأستاذة ” سارة هكو ” المرشدة النفسية و التربوية على مساهمتها القيمة في هذا الحوار ، ودورها الفعال في تعزيز الصحة النفسية والاجتماعية للطلاب من مختلف الفئات العمرية .
في الجزء القادم من السلسلة ، سنتناول مع خبراء مختصين في عالم التغذية و الرياضة وأثرهما على الأداء الدراسي . ترقبوا مزيدا من نصائح قيمة و حلول مفاجئة للتخلص من السلوكيات الصيفية والاستعداد للعام الدراسي بشكل أفضل ….يتبع