توزيع الاطباء و الممرضين خصاص يرصده مجلس الحسابات 

جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-

رصد المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي، مجموعة من “التفاوتات” الترابية و”الاختلالات” على مستوى تغطية السكان بالموارد البشرية الطبية، مشيرا إلى أن توزيع الأطر الطبية والتمريضية بجهات وأقاليم المملكة يستلزم وضع معايير محددة حسب سلة العلاجات لكل مؤسسة صحية.

توقف تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2021، على مختلف الإنجازات التي تم تحقيقها في ما يخص تطوير عرض العلاجات الصحية لضمان ولوج السكان للرعاية الصحية، سواء على مستوى البنيات التحتية أو التغطية الصحية، مؤكدا، في المقابل، أن تحقيق هذه الدينامية يستدعي توفير الأطر الطبية الضرورية من حيث العدد وملاءمتها مع احتياجات السكان بالإضافة إلى إدارتها بشكل يمكن من توقع تطوراتها المستقبلية.

 

زيادة طفيفة في عدد العاملين الصحيين

 

وفي هذا الصدد أفادت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، في ردها على ملاحظات المجلس، أن تحقيق هذه الدينامية يتم في حدود الإمكانيات المتوفرة من المناصب المالية المتاحة، والخريجين المتوفرين في سوق الشغل، وبتنسيق مع مختلف القطاعات الوزارية ذات الصلة.

 

ولاحظ المجلس، خلال مهمة المراقبة التي أنجزها في الفترة الممتدة ما بين سنتي 2010 و2021، أن كثافة العاملين الصحيين لكل 10 آلاف نسمة لم تشهد تحسنا ملحوظا خلال العقد الماضي، “حيث ارتفع المعدل من 15,1 سنة 2011 إلى 16,4 سنة 2020، بزيادة طفيفة قدرها 1,3 نقطة (+9 في المائة)”.

 

ويرجع هذا التطور بشكل رئيسي، وفق معطيات التقرير الصادر يوم الثلاثاء 07 مارس 2023، إلى زيادة كثافة الأطباء التي ارتفعت من 6,1 إلى 7,1 خلال نفس الفترة، نظرا لارتفاع كثافة أطباء القطاع الخاص من 2,5 إلى 3,8، مقابل تراجع كثافة أطباء القطاع العام من 3,6 إلى 3,3 خلال الفترة نفسها.

 

وعزت الوزارة، في ردها، تراجع كثافة أطباء القطاع العام لعدم جاذبية القطاع خصوصا بالنسبة للأطباء العامين.

 

ويفيد التقرير بأن عدد موظفي وزارة الصحة في سنة 2021 بلغ 53 ألفا و478 موظفا، من بينهم 49 ألفا و612 موظفا في وضعية القيام بالوظيفة في مختلف الهياكل التابعة للوزارة، موزعة بين 9 آلاف و422 إطارا طبيا و30 ألفا و199 إطارا ممرضا و9 آلاف و991 إطارا إداريا وتقنيا.

 

وأوضح المجلس، في هذا الإطار، أن تحليل توزيع هذه الأطر، حسب شبكات العرض الصحي والمجال وحسب المؤسسات الصحية، أبان على أن توزيعها لا يعتمد على معايير موضوعية.

 

وقد أدى هذا الوضع، وفق المجلس، إلى “ظهور تفاوتات ترابية، وتباينات على مستوى تغطية السكان، فضلا عن ضعف الملاءمة بين البنيات التحتية والموارد البشرية المخصصة لها”، ويضاف إلى ذلك، حسب معطيات التقرير، “ضعف في تدبير هذه الموارد البشرية التي تعاني أساسا من الخصاص”.

 

ونبه المجلس من تزايد حدة التفاوت في توزيع الموارد البشرية الطبية؛ “إذ تصل هذه الكثافة في المجال الحضري إلى 2,71، أي أكثر بثلاث مرات من المجال القروي”.

 

ويتجلى هذا التفاوت، حسب المجلس، في أن 88,5 في المائة من أطباء وزارة الصحة يغطون 63,4 في المائة من السكان بالمجال الحضري، بينما 33,6 في المائة من السكان بالمجال القروي يحظون بتغطية 11,5 في المائة فقط من أطباء الوزارة.

 

تفاوتات بين الموارد البشرية والبنيات التحتية

 

من جهة أخرى، وقف المجلس في مهمته على غياب علاقة توافقية بين الموارد البشرية الطبية والبنيات التحتية، مشيرا إلى أن متوسط عدد الأسرة لكل طبيب يبلغ 5,17 سريرا.

 

كما تتوفر خمس جهات على نسبة أعلى من المتوسط، كجهتي الرباط سلا القنيطرة بنسبة 7,45 في المائة ومراكش آسفي بنسبة 7,1 في المائة، أما على مستوى الجهات الجنوبية، فتتراوح هذه النسبة بين 3,62 في جهة العيون الساقية الحمراء و1,29 في جهة الداخلة وادي الذهب.

 

كما لفت التقرير إلى أن متوسط عدد الجراحين يبلغ 3 أطباء جراحين لكل غرفة عمليات، مبرزا أن جميع الجهات توجد في مستويات قريبة من المتوسط الوطني، باستثناء جهة كلميم واد نون والداخلة وادي الذهب والعيون الساقية الحمراء.

 

وبناء على الملاحظات الواردة في التقرير، أكد المجلس الأعلى للحسابات، أن ترشيد إدارة الموارد البشرية يستدعي أساسا تدبيرا ناجعا للموارد البشرية المتاحة، مسجلا مجموعة من الملاحظات في هذا الإطار، من بينها “عدم توفر بعض المستشفيات على بعض التخصصات الطبية، نظرا لغياب أطباء في هذه الاختصاصات أو عدم كفاية عددهم، الأمر الذي يجعل من الصعب ضمان مداومة العلاجات”.

 

كما لاحظ المجلس تعيين أطباء متخصصين في مؤسسات استشفائية لا تتوافق طبيعة اختصاصاتهم مع سلة العلاجات الخاصة بها كما هو منصوص عليه في الإطار التنظيمي، “ويتعلق الأمر بـ153 طبيبا اختصاصيا في مستشفيات القرب و648 في المستشفيات الإقليمية و179 في المستشفيات الجهوية”.

 

الرفع من جاذبية القطاع

 

ولتجاوز هذا الوضع، أوصى المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره، رئاسة الحكومة بدعم الوتيرة الحالية لأعداد خريجي الأطر الصحية؛ من أطباء وممرضين وتقنيي الصحة، وذلك عبر تعزيز القدرة التكوينية والتدريبية.

 

كما أوصى باتخاذ تدابير من شأنها الرفع من جاذبية المنظومة الصحية الوطنية، بما فيها المستشفى العمومي، وتحفيز الأطر الصحية على الاندماج ضمنها، والسهر على إعداد وتنفيذ سياسة حكومية خاصة بالموارد البشرية في قطاع الصحة، مع مراعاة مختلف العوامل التي تؤثر على توفر الأطر الصحية ووضع آليات لليقظة والتتبع لتطور مختلف هذه العوامل على أساس معطيات ميدانية.

 

من جهة أخرى، دعا المجلس الأعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالصحة والحماية الاجتماعية إلى العمل على توزيع الموارد البشرية الصحية بشكل متوازن من خلال وضع واعتماد معايير متعلقة بتوزيع الأطر الطبية والتمريضية اللازمة على مستوى المؤسسات الصحية.

 

وشدد على ضرورة وضع آليات لتعزيز الموارد البشرية الصحية، ولا سيما الأطر الطبية، على مستوى علاجات القرب وخاصة في المجال القروي وكذا آليات لتحفيز هذه الأطر للعمل في المناطق النائية.

 

وأوصى الوزارة باتخاذ تدابير فعالة لتعزيز هيئة الأطباء العامين، وضمان تطوير التخصصات ذات الأولية والتي تتوافق مع الحاجيات الحقيقية للساكنة، فضلا عن اعتماد سياسة متعلقة بحركية الموارد البشرية الصحية من شأنها ضمان توزيع متوازن لهذه الموارد بين الجهات وتصحيح التفاوتات بشكل مستمر.

 

وشدد المجلس، في ختام توصياته المتعلقة بالموارد البشرية الصحية، على أهمية العمل على بلورة سياسة توظيف على مستوى الوزارة، ولا سيما بالنسبة للأطباء، مؤكدا أن هذا الأمر من شأنه المساهمة في الاستجابة لحاجيات السكان والمؤسسات الصحية وكذا تعويض أعداد المغادرين أخذا بعين الاعتبار للتوقعات المستقبلية.