جريدة أرض بلادي – عبد الفتوح كريمة –
عاد الفنان الفكاهي حسن الفد بالحاضرين في أشغال المنتدى الوطني للمدرس، المنعقدة في الرباط على مدى يومين، إلى مراحلَ ثلاث انتقل فيها من التلميذ إلى المدرس إلى الفنان، والتي قال إن قاسمها المشترك هو ما معناه “التقاط الإبهار”.
عندما تحدث الفد كتلميذ، أمام حوالي 1500 من الحاضرين، قال إن يوم ولوجه المدرسة بالدار البيضاء، وتحديدا في فاتح أكتوبر 1969، هو المفتاح لما سيبدأ فيه.
في ذاك اليوم تذكر كيف أثارت شياكةُ معلمه انتباهه، مؤكدا أنها بددت كل مخاوفه ومخاوف بعض التلاميذ معه، إلى درجة أنهم كانوا يلاحقونه إلى أن يصل منزله فيعودون، لشدة إعجابهم به كما قال.
بعد سنة بعد ذلك يتذكر أنه التقى بمعلم آخر قال إنه أبهره أيضا لأنه جعل الإبهار منهجيته في التدريس. إذ كان ذلك المعلم يتحدى تلاميذه؛ حيث كان يطالبهم بأن يأتوا بأربعة مفردات للغة العربية كل يوم، لكي يُصاحبوا الكلمات، وكان يحتفل بكل من أتى بمفردات جديدة، لذلك أنهوا مرحلة الابتدائي ومستواهم في اللغة العربية جيد.
وصف الفنان الكوميدي الإبهار الذي كان يتمّلكه بأنه أصبح “عقيدة”، لأنه استمر معه إلى مرحلة الإعدادي، قبل أن يمر إلى مرحلة انتقلت فيها اللغة بالنسبة له من أداة للتعبير إلى المحتوى، لذلك كان يبحث عن مواضيع للاشتغال عليها من المستويات التي لم يصلها بعد كما قال.
كان الفد يؤمن بأنه لا يجب اللجوء إلى الفكرة السهلة، وهذا ما ينهجه الآن في مساره الفني، كما قال في مداخلته.
قال للحاضرين في عرضه بالمنتدى إنه يبحث دائما عن المفردات والأشكال الفريدة، وذكّرهم بأنه قدم عرضا حول “الفرق بين الغريزة والذكاء” وهو آنذاك في المستوى السادس ابتدائي، لأن الإبهار كان بالنسبة له أداة للتعبير وللثقة في النفس وإثبات الذات خصوصا عندما يكون تلاميذ المستويات الأخرى حاضرين خلال العرض.
وهو يحكي عن مساره كتلميذ تذكر تشجيعات أساتذته ومساهمتهم في توجيهه، إذ قال إن أستاذا للعلوم نصحه بدراسة الرسم، وهو ما قام به، فقد درس الفنون التشكيلية وكان ضمن أول فوج في المغرب. أما أستاذ للغة العربية فقد طلب منه ذات يوم تقليده عندما بلغ إلى علمه بأن الفد يقلده، وفعل ذلك في مناسبات الاحتفال بعيد العرش، فكان ذلك بالنسبة له حظوة وفرصة ليعزز ثقته بنفسه وأن يُبدع.
بعد ولوج عالم الرسم، قال الفد إنه نفذ طلب أستاذ طلب منه دراسة المسرح، إذ عاما بعد ذلك ولج معهدا.
مرحلة التخصص قال إنها شكل آخر من الإبهار، لأن التدريس بحسبه يقوم به أساتذة متخصصون وذوو تجربة، إذ وصفهم بأنهم “مرشدون وملهمون”، كما أن طبيعة المواد المُدرسة في التخصص تعتمد على التحليل وتساعد على تكوين رأي. التخصص في رأيه هو تعليم يتيح للتلميذ إظهار حقيقته.
بعد الدراسة اختار حسن الفد التدريس لأن أساتذته تركوا لديه أثرا كما قال للحاضرين، بل انعكس ذلك في طريقة تدريسه عندما كان في ثانوية نموذجية بالدار البيضاء، إذ كانت حاجته في الإبهار أكبر من ذي قبل كما أكد.
في نظره أول ما يجب تدريسه للتلاميذ هو الانضباط، إذ أكد أنه لم يكن يوما “دركيا” في القسم، فالانضباط بالنسبة له هو الذي سيجعل التلميذ يسمع أستاذه، والعكس صحيح.
كان يسعى الفد حينما كان مدرسا إلى أن يكون هندامه غريبا، بخلاف هندام الأستاذ الذي كان أول من أبهره عندما كان تلميذا، لـ”يحتال” على التلاميذ كي يأتوا إلى حصته، كما وصف الأمر.
اختصر الفد تقنيته في التدريس في جملة “صرامة أكتوبر وليونة نونبر”، وكان يتدرج في الصرامة مع تلاميذه كما قال.
في تلك المرحلة خلق حسن الفد محترفا للمسرح، واصفا إياه بأنه كان مختبرا تقنيا مازال يؤثر في ما يقوم به كفنان.
عندما كان مدرسا قال إنه لاحظ أن عددا من الآباء والأمهات كانوا يظنون أنهم يعرفون أبناءهم في الفصل، في حين أن شخصية التلميذ في الفصل ليست هي كما هي في البيت.
وعندما تحدث عن حياته كأب وصف ما يقوم به مع أساتذة أبنائه بأنه “تواطؤ جميل”، كي لا يقع في تشنج معهم، لأنه يؤمن بأن المدرس هو المصدر الوحيد الذي يجعله يعرف ما يقوم به أبناؤه داخل الفصل ويجعله مراقبا لمردوديتهم.
ولخص الفد ما مر منه بالقول إن ما تعلمه كفنان هو قيم الاشتغال، وما تعلمه من التعليم هو الإبداع الجماعي. وأن ما استفاده من المسرح، الذي عاش معه منذ طفولته، هو نجاحه في التمثيل مع المبتدئين وهو أصعب شيء يجده الفنان المحترف