تحرير نصيرة بنيوال/جريدة أرض بلادي
شهد المقهى الأدبي بالمعرض المغاربي الخامس للكتاب بمدينة وجدة، صباح الجمعة 10 أكتوبر 2025، حفل توقيع المجموعة القصصية “عِبرة وعَبرة” للدكتور عبد القادر بوراص، الإعلامي البارز سابقا بالجهة الشرقية، في أمسية ثقافية جمعت الأدب بالفكر والكتابة بالحياة.
عنوان مزدوج المعنى يعكس روح الكتاب
يستهل الكتاب بعنوانه الذكي “عِبرة وعَبرة”، الذي يمثل التوازن بين العقل والعاطفة: فـ”عِبرة” بكسر العين ترمز إلى الحكمة والموعظة، بينما “عَبرة” بفتح العين تشير إلى الدموع والبعد الإنساني والعاطفي. هذا الجناس الناقص يضع القارئ أمام توقعات مزدوجة: النصوص تحمل دروسا وفوائد معرفية، وفي الوقت نفسه تثير المشاعر وتدفع للتأمل في حياة الشخصيات وصراعاتها.
غلاف الكتاب يعكس فلسفة النصوص
يبرز غلاف الكتاب رجلا يجلس على شاطئ البحر أمام قارب صغير، في مشهد تتقاطع فيه الوحدة والتأمل والانتظار. تعكس الصورة رحلة الإنسان في مواجهة مصيره، والسعي لإيجاد معنى أو أمان داخلي، وهي امتداد بصري للروح الإنسانية التي تسكن النصوص.
بنية سردية متقنة ورؤية نقدية واضحة
تضم المجموعة نصوصا قصيرة ذات بنية سردية متماسكة، حيث يقدم السرد الأحداث بشكل متسلسل أو متقاطع بين الماضي والحاضر والمستقبل، مع شخصيات هامشية غالبا ما تكون مقهورة اجتماعيا أو ضحايا للظلم. تتوزع الصراعات بين داخلية وخارجية، وتشمل الصراع بين الفرد والمجتمع، وبين القيم النبيلة والانحراف الأخلاقي، ما يجعل النصوص غنية بالدلالات والنقد الاجتماعي.
تسلط المجموعة الضوء على قضايا أساسية: الظلم الاجتماعي، الفساد السياسي والأخلاقي، الهجرة السرية، الأمية، التطرف الديني، الشعوذة، والتفاوت الطبقي. كما يستخدم الكاتب الرمزية والعجائبية أحيانا، مثل قصة “الهاشمي الملقب بالسبنيولي”، لتقديم سرد فانتازي يحاكي الواقع، ويطرح أسئلة حول الحلم والواقع، والتحديات التي يواجهها الإنسان في حياته اليومية.
التفاعل الأدبي وجلسة التوقيع
تفاعل الحاضرون مع الدكتور عبد القادر بوراص في نقاش مفتوح حول رؤيته للكتابة ومشروعه السردي، قبل أن يقرأ مقطعا مؤثرا من قصة “سيدي الغريب”. ثم انطلقت لحظة التوقيع، التي تحولت إلى حوار وجداني بين الكاتب وجمهوره من مختلف مدن الجهة الشرقية، معبرين عن إعجابهم بالقدرة على الجمع بين النقد الاجتماعي، التحليل النفسي، والبعد الفلسفي في نصوص قصيرة لكنها غنية بالمعنى.
في ختام الحفل، عبر المؤلف عن سعادته بهذه اللحظة الثقافية، مؤكدا أن القصة القصيرة ما تزال فنا قادرا على جذب القارئ، ومواجهة الذات، وإثارة التساؤلات الكبرى حول الإنسان والحياة.