حكمة أمير المؤمنين و تلاحم الرعية: مسؤولية مشتركة لرفع التحديات

 

تحرير نصيرة بنيوال ـ أرض بلادي 

 

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، وجه أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس رسالته السامية إلى رعاياه، في خطوة تعكس بوضوح حكمة القيادة الملكية وحرص جلالته على مصلحة الشعب المغربي في مختلف الأوقات و الظروف. هذه الرسالة ليست مجرد إعلان عن قرار استثنائي، بل هي دعوة عميقة للتفكير المشترك والتعاون في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه المملكة.

 

إن الرسالة الملكية جاءت في وقت بالغ الأهمية، حيث كانت التحديات الاقتصادية و المناخية قد أثرت بشكل كبير على الأسواق المحلية و أدت إلى نقص في أعداد الماشية. هذا النقص يهدد بارتفاع أسعار الأضاحي بشكل غير مسبوق، مما قد يزيد من الأعباء على المواطنين، خاصة في فترة العيد التي تتطلب مصاريف إضافية.

و في هذا السياق، أظهرت الرسالة الملكية حكمة جلالة الملك الذي دعا رعاياه إلى الامتناع عن ذبح الأضاحي هذا العام، مؤكدا أن القيام بهذه الشعيرة في ظل الظروف الحالية قد يسبب ضررا بالغا للفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، لاسيما ذوي الدخل المحدود. كان هذا القرار بمثابة خطوة استباقية، تحمي الشعب المغربي من تأثيرات الأزمة الاقتصادية المتفاقمة و تساهم في الحفاظ على استقرار السوق المحلي.

 

هذا القرار الملكي لا يعد مجرد رد فعل على أزمة عابرة، بل هو تعبير عن رؤية استراتيجية بعيدة المدى تعكس اهتمام أمير المؤمنين بمصلحة رعاياه. ففي وقت تزداد فيه الضغوط الاقتصادية على الأسر المغربية، كان جلالة الملك محمد السادس سباقا في اتخاذ تدابير وقائية تعكس مسؤولية المملكة تجاه شعبها. و عليه، فإن أمير المؤمنين، و في إطار هذه الحكمة الملكية، قرر أن يتكفل بذبح الأضحية نيابة عن شعبه، استنادا إلى سنة جدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي قال: *”هذا لنفسي وهذا عن أمتي”*، في تعبير رمزي عن المسؤولية الكبيرة التي يتحملها جلالته تجاه رعاياه.

 

إن هذه المبادرة تؤكد مجددا أن جلالة الملك، أمير المؤمنين، ليس فقط حامي الدين، بل أيضا راعي مصلحة شعبه في كل الظروف، و هو دائما في مقدمة من يسعى لحماية فئاتها الاجتماعية الأكثر هشاشة. في ظل هذه الظروف، يعكس الملك محمد السادس إصراره على الحفاظ على وحدة المجتمع ، و يحث رعاياه على الالتزام بمظاهر التكافل الاجتماعي و الروحي في عيد الأضحى، من خلال صلة الرحم، الصلاة في المصليات و المساجد، و إنفاق الصدقات…

 

هذه الرسالة الملكية لا تعد فقط توجيها لدعوة رعايا أمير المؤمنين إلى الامتناع عن الأضاحي هذا العام، بل هي دعوة عميقة للالتزام بروح التضامن والوحدة في مواجهة الأزمات، و حفاظا على قيم العدالة الاجتماعية و الاقتصادية. ففي وقت تتزايد فيه التحديات الاقتصادية، تأتي هذه الرسالة لتؤكد أن المسؤولية ليست فقط على عاتق الدولة أو مؤسساتها، بل هي مسؤولية مشتركة بين أمير المؤمنين و رعاياه، الذين يشكلون معا وحدة لا يمكن فصلها، فكل منهم يكمل الآخر في مواجهة التحديات، و بتلاحمهم يتجسد معنى الأمة الحقيقية في قلب هذا الوطن.

تبقى هذه الرسالة الملكية بمثابة منارة تهدي المجتمع المغربي نحو الحلول المستدامة التي تراعي الظروف الاقتصادية و الاجتماعية الراهنة. إنها دعوة رصينة للجميع للعمل الجماعي، و الالتزام بالمسؤولية الوطنية في ظل القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين نصره الله وأيده.