جريدة أرض بلادي _الناظور
_فاطمة الزهراء حجامي_
خلفت الزيارة غير الرسمية التي قام بها السيد دافيد إيال نائب رئيس القائم بالأعمال بمكتب الاتصال بدعوة من جمعية موشي بنميمون للتراث اليهودي المغربي والتي يشرف على رئاستها السيد، عبد العالي الرحماني، الفاعل والناشط الجمعوي بإقليم الناضور، تفاعلا إيجابيا داخل أوساط الرأي العام المحلي، وقد كانت هذه الزيارة مناسبة كذلك لخلق جسور التواصل مع الطائفة اليهودية بالثغر المحتل لمليلية. وقد حضيت هذه الزيارة بردود أفعال جد ايجابية لدى الرأي العام المحلي بالناضور، وبهذه المناسبة فقد استمتع الضيف الإسرائيلي خلال مقامه بالناضور بجولات سياحية همت أبرز المآثر والمزارات التاريخية، وعند وصول المسؤول الدبلوماسي إلى الناضور يوم الخميس وكعادة المغاربة في إكرام الضيف فقد نزل السيد دافيد إيال ضيفا بمنزل رجل الأعمال السيد “شنوف اسماعيل” الذي اعد مأدبة عشاء على شرف الضيف الكبير، وقد كانت هذه المناسبة فرصة للتداول حول الحضور المكثف للمكون اليهودي في النسيج الهوياتي المغربي المتنوع والمتعدد،
والتي تعتبر من أعتى التجارب الإنسانية في التعايش والاحترام المتبادل، وهو نفس المنحى الذي ما يزال مستمرا إلى يومه، وفي هذا الصدد ولتمكين الضيف من الاطلاع مما تزخر به المنطقة من قدرات وإمكانيات كبيرة سيما على المستوى الاقتصادي والتجاري والسياحي والتاريخي. وتتمة لما سبق
ولمعرفة المزيد من المعطيات حول الإقليم آثر السيد دافيد ايال، زيارة الثغر المحتل مليلية يوم الجمعة قصد التواصل وصلة الوصل مع الطائفة اليهودية، وزيارة المزارات اليهودية كزيارة المعبد المركزي بالمدينة ولقاء الأسر اليهودية ، حيث تم استقباله من قبل رئيس الطائفة اليهودية بمليلية “مردخاي غوانيش” و “موشي مرسيانو” و “هارون بيرتيس” حاخام معبد “اور زاروه”، حيث شكل اللقاء مناسبة لتجديد التواصل مع الطائفة اليهودية المقيمة بمليلية وكذلك فرصة لدعوة هذه الأخيرة التفكير جديا للاستثمار بالناظور في المجالين التجاري والسياحي، سيما مع ما تعرفه المنطقة من ديناميكية خصوصا ما يتعلق بالبنية التحتية المهيكلة وتوسيع شبكة الطرقات والمحاور الاستراتيجية للموانئ والمطارات والطرق السيارة، التي أعدت لاستقبال المشروع الاستراتيجي المهيكل لميناء غرب المتوسط الذي وصلت نسبة الأشغال فيه ما يناهز 85 في المائة مع ما يرمز له هذا المشروع من إمكانيات مهمة خدمة لتنمية المنطقة والجهة ككل.
وقد رافق افراد الطائفة اليهودية السيد، دافيد ايال في زيارته لمجموعة من النقط السياحية بمليلية، قبل أن يعرج على زيارة السياج الحدودي الفاصل بين مليلية المحتلة وبني انصار لأخذ فكرة عن الحدث المؤسف لاجتياز السياج الحديدي السنة الفارطة من طرف مهاجرين سودانيين آثروا العنف والعدوانية لاجتياز السياج الحديدي والذي نتج عنه للأسف وفيات وإصابات متفاوتة الخطورة في صفوف المقتحمين وقوات حفظ النظام في كلا الجانبين المغربي والاسباني.
وأثناء مغادرة الضيف الثغر المحتل لمليلية، تم استقباله مرة أخرى من طرف السيد محمد الصغير النائب الثاني لرئيس المجلس البلدي لجماعة بني انصار والسيد فؤاد سقساق النائب الثالث اللذين كانا مرفوقين بالسيد سعيد شرامطي رئيس جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان. وفي الحين تم دعوة الضيف الكريم للقيام بجولة استطلاعية استكشافية للنفوذ الترابي لجماعة بني انصار، سيما وجود شواطئ رائعة بالجماعة تمتد على طول أكثر من 12.5 كيلومتر، بالإضافة إلى مناظر طبيعية خلابة ومآثر تاريخية لم يتم استغلالها لحد الساعة داعين الضيف المحترم دعوة بلاده إلى الاستثمار بالمنطقة لما تزخر به من إمكانيات واعدة، معربين له ان كل ظروف الاستثمار متاحة بجماعة بني انصار، خصوصا ما تنعم به الجماعة من استقرار وأمن وأمان، وكذلك المناخ الحقوقي الجيد والذي يكفل ويصون حقوق وحريات الجميع و اختتم اللقاء بمأدبة عشاء على شرف السيد دافيد ايال أقامها رئيس جماعة بني انصار السيد عبد الحليم فوطاط على شرفه احتفاء بالضيف الكريم، كما لم يفوت السيد محمد الصغير المناسبة لتوجيه دعوة للسيد الرئيس القائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي بالمغرب لزيارة جماعة بني انصار.
وفي اليوم الاخير للزيارة قام السيد إيال باستثمار تواجده بالإقليم لزيارة مجموعة من الشواطئ الخلابة المطلة على المتوسط ومن بينها شاطئ تيبودا الجميل، كما زار مجموعة من المعالم التاريخية خصوصا الثكنة العسكرية الإسبانية بازغنغان باعتبارها منشأة تاريخية بأبعاد هوياتية متعددة، في نفس الاطار وتثمينا لأماكن التعبد اليهودية آثر الضيف الكريم زيارة المزار اليهودي “ربي سعدية عداتي” بحي ترقاع الشرقية بالناظور. وقد انهى زيارته بدعوة عشاء أقيمت على شرفه من قبل السيد القنصل الشرفي للملكة الهولندية السيد العربي سلامة، هذا اللقاء كذلك لم يفوت الفرصة ليذكر ويؤكد على العمق الهوياتي للمملكة المغربية في مجال التعايش و الارتقاء بالتراث اللامادي الذي ما فتئ المغاربة يولونه اهتماما خاصا، كما أن هذه المناسبة شكلت دافعا كذلك للسيد القنصل الشرفي للتأكيد بأن المغرب لن يتوانى في صيانة تراثه الذي يعتبره استثمارا لا ماديا والذي أثبتت التجربة التاريخية أنه قلعة حصينة لكل من تسول له نفسه النيل منه. وبهذا الخصوص فقد عبر الضيف الكريم عن غامر سعادته على الحفاوة التي حضي بها طول مدة زيارته
متقدما بجزيل الشكر والعرفان للسيد عبد العالي الرحماني على سعة صدره والدور الكبير الذي قام به للإعداد لهذه الزيارة التي شكلت فارقا كبيرا له ومكنته من الاطلاع عن قرب عن ما تزخر به المنطقة من إمكانيات هائلة، معربا في الان ذاته عن انبهاره بحفاوة الإستقبال والاحساس انه وسط أهله، شاكرا كل من استقبله و استضافه. مؤكدا ان الناظور ستكون دائما الوجهة المفضلة له وللإسرائيليين جراء ما لمسه وعاشه من أجواء التعايش و الإخاء الذي يؤكد مرة أخرى رفعة المملكة وسمو أهلها وذويها ورقيهم وأن المغاربة لازالوا يحتفظون بذكرى جد طيبة عن إخوانهم اليهود، والتي شكلت علاقاتهم الإنسانية تجربة تاريخية فريدة يحتذى بها.
وفي كلمة للسيد سعيد شرامطي رئيس جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان حول هذه الزيارة ، أكد أن هذا النوع من التواصل، يجسد مرة أخرى الحقيقة التاريخية التي ما تزال قائمة عن العمق الهوياتي المثالي لمختلف مكونات الهوية الوطنية والتي يعتبر فيها المكون اليهودي رافدا أساسيا من روافد الذاكرة الجمعية للمغاربة، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل عن أن الذات الجماعية للمغاربة بمختلف اعراقهم وأجناسهم ومعتقداتهم إنما هي نتاج تجربة تاريخية فريدة ينبغي أن تعمم كعنوان للسلام وإطارا للتعايش والتسامح، وتعتبر زيارة السيد إيال رسالة واضحة لما سبق وقلناه، فزيارته للإقليم إشارة واضحة على أن المغرب أرض السلام والكرم والإخاء.