جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-
رصد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عددا من الإكراهات المتعلقة بتدبير المقالع وطريقة استغلالها، داعيا إلى تعزيز وسائل وقدرات المتدخلين في مجال المراقبة وإحداث نظام معلوماتي وطني مندمج ومحين باستمرار مخصص للقطاع.
يرى 68,38 في المائة من المشاركين والمشاركات في الاستشارة المواطنة التي أطلقها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال المقالع أن تنزيل هذه الآليات لا يراعي مبادئ الشفافية والإنصاف بين المتقدمين بطلبات الترخيص خلال مختلف مراحل هذه العملية.
ودعت تعليقات رواد حسابات المجلس في شبكات التواصل الاجتماعي إلى إرساء مزيد من الشفافية على مستوى المساطر وتعزيز مبادئ الإنصاف والمساواة، فضلا عن تشديد المراقبة مع سن عقوبات رادعة في حالة مخالفة القوانين ذات الصلة.
وفي هذا الإطار، سجل المجلس، في رأي أعده في إطار إحالة ذاتية، بطءً في دينامية إعداد المخططات الجهوية لتدبير المقالع بسبب الإكراهات المرتبطة بالحكامة والتنسيق بين الفاعلين على المستوى الترابي، مما يعرقل التنفيذ الفعلي لمقتضيات القانون رقم 27.13 المتعلق بالمقالع.
كما لاحظ تسجيل نقص واضح في الإمكانيات البشرية والمادية المخصصة للرصد والمراقبة الدورية للمقالع، واستمرار هيمنة القطاع غير المنظم الذي يتجلى سواء من خلال المقالع غير المصرح بها أو المقالع المرخص لها التي تقدم على ممارسات من قبيل الغش وعدم التصريح الكامل بالمداخيل، “مما يؤدي إلى خلق منافسة غير مشروعة، وتفوت مداخيل ضريبية إضافية، إلى جانب مخاطر الاستغلال المفرط لبعض أنواع المقالع”.
وأكد المجلس، في رأيه، “تفاقم البطء الملحوظ” في مسطرة فتح المقالع المؤقتة المخصصة للأشغال العمومية بفعل تعدد المتدخلين، مشيرا إلى أن هذا الوضع من شأنه أن يؤثر سلبا على المستثمرين ويخل بتنفيذ المشاريع، فضلا عن إضعاف فعالية المقاولات في قطاع البناء والأشغال العمومية.
وحذر المجلس، في السياق ذاته، من ضعف إعادة تأهيل المقالع من قبل معظم المستغلين، “إذ غالبا ما يكتفون بترك المواقع عند الانتهاء من استغلالها دون القيام بأشغال إعادة التهيئة اللازمة، أو القيام بها بشكل لا يتوافق مع المعايير المحددة”.
كما لفت إلى ضعف امتثال ظروف العمل في بعض المقالع للنصوص التنظيمية والمعايير الفضلى في مجال المسؤولية الاجتماعية للمقاولات.
وانطلاقا من هذا التشخيص، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي البيئي بتعزيز الإطار الحالي، مع ضمان الامتثال الكامل للإطار القانوني الذي ينظم آليات منح التراخيص ومراقبة الاستغلال، وذلك بهدف تعزيز قدرة البلاد على ضمان استدامة مواردها الطبيعية وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة الأزمات المستقبلية.
وسبق للمجلس أن تطرق في الرأي ذاته لإشكالية استغلال الموارد المائية والإكراهات المرتبطة بآليات منح التراخيص ومراقبة الاستغلال المتعلقة بهذه الموارد أيضا.
وأوصى، في هذا الإطار، بتعزيز فعلية النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها، مع الحرص على تنفيذ الفعال لآليات منح التراخيص والمراقبة في مجال المياه والمقالع، وتبسيط المساطر واحترام الآجال القانونية لمنح التراخيص، فضلا عن تسوية وضعية مستغلي الموارد بكيفية غير قانونية.
كما شدد على ضرورة تعزيز الإطار القانوني المنظم لآليات منح التراخيص والمراقبة، من خلال إضفاء الطابع الملزم على المخططات الجهوية لتدبير المقالع، مع تسريع عملية إعداد هذه المخططات، واعتماد النصوص التطبيقية الضرورية لتنفيذ القانون 17-49، لا سيما بخصوص التقييم البيئي الاستراتيجي للمخططات والبرامج والمشاريع الوطنية والجهوية لاستغلال المياه والمقالع.
ودعا إلى تحسين الحكامة في قطاعي الموارد المائية والمقالع في ضوء تأثيرها على فعلية ونجاعة آليات منح التراخيص والمراقبة.
وفي هذا السياق، أكد المجلس ضمن توصياته على أهمية تعزيز وسائل وقدرات المتدخلين في مجال المراقبة، ووضع آلية للتنسيق ما بين المؤسسات تمكن من اتخاذ قرارات تحكيمية بشأن استخدام الموارد المائية المتاحة في حالات الأزمات.
كما شدد على تعزيز كفاءات وقدرات جميع المتدخلين في المساطر القضائية ذات الصلة مع دراسة إمكانية إحداث غرف خاصة يناط بها النظر في مختلف قضايا البيئة على مستوى المحاكم المختصة بما فيها قضايا الماء والمقالع.
وأوصى المجلس بتحسين أداء عملية تحصيل الإتاوات المتعلقة باستغلال المياه الخاضع لنظام الترخيص والامتياز وتعزيز النجاعة الاقتصادية والضريبية المرتبطة باستغلال المقالع، بالإضافة إلى إحداث نظام معلوماتي وطني مندمج ومحين باستمرار مخصص لقطاعات المياه والمقالع.