رمضان يعزز الإقبال على المنتجات المحلية ويعيد إحياء التراث الغذائي المغربي

جريدة أرض بلادي – اسماء بومليحة –

يعد شهر رمضان في المغرب موسمًا استثنائيًا تتجلى فيه أجواء خاصة تغمر الأسواق والمحلات التجارية بنفحات التراث الأصيل. فمع اقتراب هذا الشهر الفضيل، تتزايد رغبة المغاربة في اقتناء المنتجات التقليدية التي تعكس عراقة المطبخ المغربي وغناه. ويتحول الإقبال على هذه المنتجات إلى ظاهرة تساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي وتعزز دور التعاونيات والأسواق التضامنية في الحفاظ على التراث الغذائي.

 

تكتسي الأسواق والمحلات خلال شهر رمضان حلة مميزة، حيث تزدحم بالأرفف المليئة بالمنتجات المحلية التي لا غنى عنها على المائدة الرمضانية. من التمر والفواكه الجافة إلى العسل و”أملو”، تزدهر تجارة هذه المنتجات التي تستهوي المستهلكين لما تحمله من أصالة وطابع تقليدي يذكرهم بذكريات الطفولة والمناسبات العائلية.

 

كما تحتل التوابل المغربية، مثل الزعفران والقرفة والكمون، مكانة خاصة على موائد الإفطار والسحور، حيث تضفي على الأطباق نكهات مميزة تعكس خصوصية المطبخ المغربي. وبينما يتجول الزبائن في الأسواق بحثًا عن حاجياتهم، لا يقاومون العطور الزكية المنبعثة من التوابل والحلويات التقليدية التي تضفي على المكان طابعًا فريدًا.

 

تؤدي التعاونيات المغربية دورًا محوريًا خلال شهر رمضان، حيث تسهم في تلبية الطلب المتزايد على المنتجات الطبيعية والأصيلة. وتعد هذه التعاونيات بمثابة حارسات للتراث الغذائي، إذ تضمن جودة المنتجات وتساهم في الحفاظ على أصالتها.

 

ولا تقتصر أهمية التعاونيات على الجانب التراثي، بل تلعب أيضًا دورًا اقتصاديًا مهمًا، حيث يشكل رمضان فرصة لزيادة مداخيلها وتوسيع قاعدتها الجماهيرية. وتعمل العديد من التعاونيات على تسويق منتجاتها عبر قنوات البيع المباشر أو من خلال الأسواق المؤقتة التي تقام خصيصًا في هذا الشهر، مما يعزز فرص اكتشاف منتجاتها من قبل المستهلكين.

 

ورغم هذا الإقبال المتزايد، تواجه بعض التعاونيات تحديات تتعلق بالنفاذ إلى قنوات التوزيع الحديثة، ما يجعل الأسواق التضامنية قناة فعالة لتعزيز حضور المنتجات المحلية. فهذه الأسواق تقدم فضاءً للتعريف بمهارات الحرفيين المحليين وتتيح للمستهلكين فرصة دعم الاقتصاد الاجتماعي.

 

شهدت المنتجات المحلية في السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا، حيث باتت تتجه نحو الرفاهية من خلال تقديمها في عبوات أنيقة وتصاميم مبتكرة تستقطب شريحة من المستهلكين الباحثين عن التميز والجودة العالية.

 

لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا حيويًا في تعزيز الإقبال على المنتجات المحلية، إذ أتاحت للتعاونيات فرصة الوصول إلى جمهور أوسع عبر المنصات الإلكترونية. وترافق هذا التطور مع خدمات التوصيل السريع، ما جعل اقتناء المنتجات التقليدية أكثر سهولة، خاصة بالنسبة للزبائن الذين يفضلون التسوق الإلكتروني.

 

وفي ظل أجواء رمضان التي تكرس قيم التشارك والتضامن، يبرز الإقبال على المنتجات المحلية كوسيلة لدعم التعاونيات الصغيرة والحفاظ على التراث الغذائي المغربي. ويعكس هذا التوجه وعيًا متزايدًا بأهمية الاقتصاد التضامني ودوره في تعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية، مع الحفاظ على هوية المطبخ المغربي ونقلها للأجيال المقبلة.