جريدة أرض بلادي- هيئة التحرير-
“لقد آن الأوان ليتغير كل شيء.”
عبارة ختم بها الروائي مصطفى لغتيري روايته “ابن السماء”، فعلا قد غيّر، إلا أن سياق العبارة شيء وسياق التغيير لدى الروائي شيء آخر، فهو قد خرج بهذه الرواية عن السياق المألوف لديه في رواياته، متح بهذا الخروج بين الواقعية والتجريب والأسطورة، كسّر بذلك ذائقة المتلقي، وخاصة بإدراجه بطلا من السماء نعم هو ابن السماء، نزل إلى عالم غير عالمه، قواعده مخالفة لما تعوّد عليه، في أول أمره التقى ببحارة في عرض البحر كانت تحمله لوحة تعلّق بها بعد أن جاء من عالمه، إلا أن البحارة بعد رؤيتهم له ولبلاهته طردوه شر طردة حين وصولهم لليابسة، وظل حينها يبحث له عن مكان يؤويه ويقيه شر التشرد واللصوص وجد له منزلا أهله منبوذون من أهالي القرية التي يقطنون بها وما ذاك إلا لفعلة والديهم، فاستقر مقامه بينهم بعد أن تزوج بالابنة الكبرى، فصار يتكلف هو بالأغنام ويقتادهم للمرعى بعد عجز البنتين وقلة حيلة الأب العجوز.
تحايلت الابنة الكبرى بزواجها بابن السماء على بنات ونساء القرية، وادّعت بأنّ له كرامات ومن يزوره تتحقق ويشفى من سقامه فكان له ما أرادت، تعينها في ذلك أختها بعد أن قضى الأب نحبه، كل فعلتها انتقاما من الأهالي الذين ظلموهم وحرموهم من حقوقهم في قريتهم، فاجتمع لها من المال والحظوة ما أسال لعاب الأهالي، وليس الأهالي فقط وإنما أيضا الضابط الفرنسي الذي عينته السلطات الفرنسية المحتلة للمغرب مراقبا، فألقت عليه شباكها، واصطادته.
فتفاجأ ابنها بالثروة التي حصلها أهله وبدرجة الفقر التي وصل لها الأهالي، وما يحصل في الضريح الذي دشن على قبر والده، وكمية الأوهام التي تعلق بها الناس حول الضريح. ابنها القادم من فرنسا بعد أن حصل على شهادته العليا محققا أماني أمه التي طالما منت نفسها بأن ينال ابنها تعليما راقيا، فحقق لها الضابط ذلك بأن بعثه لفرنسا.
والمفاجأة الكبرى التحاقه بكوكبة الوطنيين الأحرار ليدافع عن بلده المغرب.
تتشابك أحداث الرواية بين الدعارة التي تتاجر بها سلمى أخة لؤلؤة التي تزوجت بابن السماء وبين ما شبكة الصيد التي تلقيها لؤلؤة لتقي الأسرة وتحميها شر الفقر، وبين الأوضاع التي آل إليها المغرب بعد احتلاله للمغرب. أضفت على هذه الرواية طابعا خاصا محققا ما ترجاه الكاتب لها.