جريدة أرض بلادي-ليلى التجري-
بقلم الكاتب والناقد المغربي مصطفى امزارى-
من بين التراكم الروائي الذي حققه الاستاذ مصطفى لغتيري ، نقرأ روايته “حسناء امزورن” والتي ،كما غيرها من اعماله ،لا تتنمط بنمط كتابي واحد ،وانما تعتمد رؤية كتابية مختلفة إن على مستوى الموضوع أو على مستوى الاسلوب او على مستوى البناء ، ذلك أن العودة الى زخم التنظيرات التي صاحبت الرواية العربية والمغربية يجعلنا نقف على حقيقة مفادها أن التجريب هو المتحكم في عملية الكتابة الروائية الراهنة…
إن المبدع مصطفى لغتيري يرسم لكل رواية خطَ سير جديد ، يفرض على القارئ تتبعه الى النهاية اعتمادا على مهاراته السردية واسلوبه المتميز في شد القارئ …
إن تقلص مساحة الحوار في النص على حساب السرد ، رام الكاتب من خلاله تقريبنا ،ليس فقط من شخوص روايته ، بل أيضا من الاحداث التي عاشتها ، والتي تتراوح بين ما هو رومانسي وما هو واقعي ، ذلك أن الكاتب عمد الى تمرير العديد القضايا الراهنة على المستوى الثقافي والاجتماعي والسياسي…
فإذا كانت البداية رومانسية تبدأ بالحب الذي ربط بين الحسناء /شامة بنت العائلة الكبيرة وبين “يوسف “العامل /السائق البسيط ، فإن ذلك لم يكن في نظري إلا ذلك الشَرك الذي نصبه لنا الكاتب بتشويق جميل ليمرر تلك القضايا ذات الحمولة الواقعية الكبيرة…
إن علاقة الحب تلك ولدت في السرّ وماتت في العلن ،لأن “شامة “الحسناء سليلة عائلة اقطاعية محافظة ، انتزعت حبها خلسة وأصرت على اللقاء الذي كان ساخنا كسر قيود القبيلة ، لكن الواقع اجهض هذا الحب/الحلم لتعيش شامة عملية وَأْد وهي تلقى مصيرا ماساويا في بئر مهجورة ليغمرها الرصاص فتموت عقابا لها على تدنيس شرف عائلة ما تزال تنظر الى العذرية وقطرات الدم في الليلة الموعودة كشيء مقدس..ومادامت قطرات الدم لم يتم تحصيلها في زفاف شامة من “الرايس” ذي الانتماء العائلي المتميز اجتماعيا ،فإن عملية التدنيس قد طالت العائلة ، وبالتالي وجب العقاب الذي كان قاسيا استوجب الموت بتلك الطرية الماساوية في الحاضر، لكن موتا آخر ما يزال عالقا في المستقبل ، لان عائلة المحمادي في شخص ابنها “عمر” ستعمل على الثار من يوسف الذي خان صداقة العائلة ودنس شرفها..
هكذا تأخذنا الرواية في قصة جميلة وبأسلوب سردي سلس من حب /حلم جميل الى مأساة كبيرة …ولعل الواقعي الذي كان -حسب ظني- رهان الكاتب كان حاضرا بتجليات كثيرة كشفت عن البنية الثقافية لمنطقة امزورن التي تتمسك بتقاليدها حد الموت خاصة في جانب الشرف ، الى جانب صورة المرأة في ذلك المجتمع والتي تبدو دونية متحكَّم فيها وفي اختياراتها زوجة كانت او بنتا ..هذا وتعكس الرواية ما يعيشه واقع المنطقة من قضايا التهريب وما يرتبط به من إجرام ، الى جانب الكشف عن كواليس العملية الانتخابية فيما تعلق الامر بالولاءات او بشراء الذمم ، سواء تعلق الامر بالناخب العادي او ما يسمى بالناخبين الكبار..ولعل رغبة “الرايس” في تحصيل كرسي الرئاسة إلا ثاتيثا لمظهر السلطة بتزكية الامبراطورية المالية العائلية والتي اقتضت المصاهرة بعائلة كبيرة سوف يكون مصيرها ، في نهاية المطاف،العيش تحت طائلة الاشاعة بعد فقدانها لسلطة الشرف التي تضعه العائلة في عنق المراة ويدافع عنه الرجل.
ولعل الرواية تكشف عن جانب واقعي خطير الا وهو الهجرة السرية التي ستكون طوق النجاة ل “يوسف ” لعله ينجو من ثأّر “عمر” الذي كان الشخصية الاخيرة في الرواية وعو يتوعد يوسف بالتصفية مما يؤشر على ان العائلة لن تستعيد بريقها الا بالثار ممن تسسبب في تدنيس شرفها…
لقد نقلنا الاستاذ مصطفى لغتيري في “حسناء امزورن”الى عوالم كثيرة يتداخل فيها الرومانسي بالواقعي عبر انتقال سلس وبعين سردية دقيقة برعت في تصوير الشخوص والاحداث والانفعالات بشكل لافت..