أرض بلادي – تونس
الأستاذة مسعودة القاسمي
كانت البلاد الاسلامية في الماضي القريب قبلة للعلم والعلماء بارض اجدادهم الانبياء.فكان يشار إليهم بالبنان،يدفعون بالاوطان نحو التقدم بكفاءة واقتدار، فكانوا سببا من اسباب الاستقراروكانت انجازاتهم وافكارهم تنضبط بها علاقة الناس بدنياهم …اليوم زمن الهبوط والسقوط … استبدل علماءها بمن اثر السكون والسكوت …بمن لا يدافع عن الحرية و الهوية …بمن سلط قلمه ولسانه للهجوم على اخيه والقدح والقذف فيه …وقبل الخنوع المخزي لافكار مستوردة اجنبية … ركبنا المركب بلا هوادة واشرعته امنيات وتصفية حسابات شخصية …سقطت رايات الاحلام وتدنت قيم الانسان وقتل العلماء …وغسلت ادمغة الناس في برامج “التوك شو ” وعلى صفحات مواقع التواصل العنكبوتية التي تعج بالالفاظ التي تصيبك بالغثيان بعبثيتها ورداءتها الفكرية …تشعرك بالالم لعمق الهوة بين قيم شعوبنا وحضارتها العظيمة وتاريخها المشرق بالنضال، وبين واقعها المؤلم.. سلمنا انفسنا لوحش كاسر مستبد لا يتوقف عند حد او يرضى بفريسة واحدة ،وانما يمعن في اسر الضحايا كل يوم ويحلبهم متى شاء وكيف ما شاء انه افيون الشعوب …مخدرالعقول والقلوب.. انه شيطان الحضارة وقاتل الانسانية وما فيها نضارة…انه موت القيم موت الهمم وعودة العبودية لفكر شارد يعلي الحيوانية ويقتل الانسانية …انه قاتل هالات النور بالاجيال وسالب الحرية بين اروقة العقول الابية … تخلف السواد الاعظم نحو السقوط وتلبس الفكر بابليس وتشبع بالتدليس وكثر اللصوص …لصوص بالقوانين وتحت رايات الفكر تارة وطورا راية الدين …لصوص صغار ينتعشون من تخمة بطون لصوص كبار محترفون …واستفحلت الجراثيم في جسم الانسان المسكين وشدت الرحال نحو عقله في جبة من خيال لتقتل ما بقي فيه من وعي بماهو كائن وما سيكون في مستقبل الزمان…اصيبت العقول بالايدز والخرافات وتلبست برداء الفضائيات …نشطت مصانع الكذب وحملت على الاساطيل واعتلوا بها منابر…ودخل الفكر في غيبوبة الاستيلاب الحضاري… لم يحدث السقوط فجأة كانت له مقدمات فواكه من اطباق الفشل والاغتيالات الفكرية وطمس للقيم والهوية …وضاعت المركبة وتهاوت نحو السقوط… غير ان قاعدة التعامل البشرية والارادة القوية لا تلبث ان تكشف الغطاء وتسارع بالدواء لينهض العقل من جديد وتقتل الحشرات والفيروسات بما وجد من مبيدات… ومحاصرتها محاصرة جماعية واستئصال المرض العضال ومافسد في الحال…ومهما استساغ العقل من مفاسد ومكاره لابد ان يستفيق من جديد ويبني مجتمع انساني من حديد …يصنع تاريخا حقيقيا تحتضنه ابواب الخلود ويصحح المسار نحو ما يكفل انسانية الانسان…