جريدة أرض بلادي – هيئة التحرير –
شاءت الأقدار أن أكون من بين المشرفين على توثيق عملية نحر ناقة. لم يكن الأمر عادياً بالنسبة لي، فقد وجدت نفسي غارقاً في تأمل عيون الحيوان وهي تفيض بالدموع، كأنها تستنجد ولا تجد من يسمعها. كانت تحدّق في كل الاتجاهات، ثم تعود لتستسلم أمام من يلقّب نفسه “بسيد المخلوقات”.
الأدهى من ذلك، أن الصغار والكبار كانوا مستعدين، بهواتفهم وآلات تصويرهم، لتوثيق لحظة اندفاع الدم من الوريد وكأنها لحظة احتفال. فيما استرسلت الناقة في الرغاء، تزيد من سكب دموعها وكأنها تودّع الحياة.
في تلك اللحظة، تسلّل إليّ شعور بالاشمئزاز، لم أشارك الحاضرين فرحتهم ولا اندهاشهم. تساءلت بيني وبين نفسي: لِمَ لا يصحو قومي يوماً ليدركوا أن هذه المخلوقات ليست مجرّد لحمٍ يُشوى أو كبدٍ يُلتهم؟ ألا يكفي أن ذنبها الوحيد أنها خُلقت بلا لسان ينطق؟
إن للإبل إحساساً عميقاً لا يختلف كثيراً عن إحساس الإنسان، لكننا نغفل عن ذلك بدعوى العادة والطقوس. رفقاً بهذه الكائنات الواثقة بنا، فلها غريزة قد تُترجم في يوم من الأيام إلى انتقام، إذا ما استمرّ تجبّر الإنسان عليها.