عودة ثانية إلى الرياضة المدرسية فرع آسفي وصورتها الوردية

عودة ثانية إلى الرياضة المدرسية فرع آسفي وصورتها الوردية

هذه ليست دراسة مسحية دقيقة ومستفيضة لموضوع الرياضة المدرسية وأوضاعها العامة في البلاد، أو في آسفي بوجه أكثر دقة، ولكنها شهادة وتفاعل لخلق جو ايجابي بعد الذي رأيته خلال مشاركتي الأولى كنائب لمنسق النادي الرياضي للمؤسسة التي أنتمي إليها، المنخرطة انخراطًا تامًا بطاقمها الإداري والتربوي في نظام تعليمي أُريد له أن يكون نظامًا متكاملًا، يتلاءم مع العصر ويواكب كل متطلباته.

هذا النظام التعليمي جعل من الرياضة المدرسية دعامة أساسية لتربية متوازنة في مشروعه البيداغوجي الكبير، على اعتبار أنها بيئة آمنة ومجال طبيعي يُشبع فيه المتعلم رغباته، ويُطور ميولاته، ويصقل مواهبه. إلا أن هذا القطاع تشوبه خروقات ونواقص متعددة، تؤثر في الغالب سلبًا على فاعليته وجودته، وقد تنقلب في الكثير من الأحيان إلى نتائج عكسية غير محمودة.

النهوض بالرياضة المدرسية يتطلب مقاربة ورؤية شاملة تُسخَّر فيها جميع الإمكانيات، خصوصًا المادية والبشرية، التي ينبغي أن تتناسب مع أنشطتها أولًا، ثم مع أعمار كل المتعلمين واحتياجاتهم، ضمانًا لمبدأ تكافؤ الفرص وديمقراطية المشاركة. بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية، واستغلال الشراكات في توفير النقل، والأمن، والإسعافات الأولية في أماكن التباري، لضمان السلامة. ودرءًا لأي طارئ وجب إخضاع هؤلاء الأطفال مسبقًا لفحوصات وكشوفات طبية قبل خوض أي نشاط رياضي مع تدوين معطيات كل واحد منهم في سجل صحي خاص به. وأي مسابقة بدون تحفيز رمزي أو شواهد تقديرية، حتى في حالة الإقصاء، تبقى مسابقة تُكرّس النمطية، تحد من العزيمة، تقتل الطموح، وتُطفئ الحماس.

كما يتطلب أمر النهوض بالرياضة المدرسية، قبل كل ما سبق، إرادة حقيقية من كل المتدخلين، سواء على مستوى التمويل، للرفع من الميزانية المخصصة للرياضة المدرسية، أو على مستوى التخطيط، الذي يكون بوضع أهداف واستراتيجيات مصاغة بوضوح ومحددة سلفًا، يمكن من خلالها قياس النتائج وتقييمها دون تفضيل أو تحيّز، ولمَ لا محاسبة القيميين عليها من أجل تقويم مواطن الضعف، ووضع تصور لتصحيح الأخطاء.

أما التكوين، فينبغي أن يكون عامًا، يتجاوز فكرة أن الرياضة المدرسية نشاط ثانوي ترفيهي غير مهم، يُعهد به سَدًّا للفراغ لأشخاص ضيقي الأفق بلا تكوين، يفتقرون إلى الاختصاص والكفاءة في التأطير، كما في التسيير الإداري، والتقني، والمالي.

علينا جميعًا إدراك أن المتغيرات الكبرى التي طرأت على مسار السياسة التعليمية جاءت اليوم ،عبر مهنة النبل والقيم ،لتُعيد الاعتبار بقوة للرياضة المدرسية ،كرافعة أساسية في التنمية، وتنتقل بها من نشاط تكميلي ترفيهي إلى طريقة تربوية تُضفي الحيوية والعطاء الشامل المتكامل، من أجل الاستثمار في جيل طموح، منضبط، معافى من الإقصاء والتهميش، ومن كل الأمراض الفتاكة الأخرى التي تهدد استقرار المجتمع وأمنه.

بقلم: محمد اعويفية