“عودة مع القصة الخيالية للطبيب الأديب للدكتور محمد مهيب – ميدلت”

تاسكورت أو حكاية عشق أطلسية
تعريب: علي أحماد بوضرين
أوعديشان مذهولا يخيل إليه أن كل شيء ينهار من حوله ، فكر في الحين بتاسكورت وتساءل ألم يقطع على نفسه وعدا على العودة للعمل ببلدته ؟ . يقشعر بدنه ويترك العنان للدمع يندلق من لحظيه على الخدود . جلس هناك على كرسي في بلادة وكأنه تلقى ضربة على رأسه بعصا غليظة . تفاحة آدم في صعود وهبوط تحت جلده . ميمون الممرض ، زميله وصديقه الحميم ، لاحظ إنشغاله فقال له بلسانه الأم : ماذا يشغل بالك ؟ مد له أوعديشان الرسالة . بعدما انتهى من قراءة محتواها ينصحه بأن يخرج ليشم الهواء ، وأضاف : سأخبر الحارس العام بغيابك . خرج أوعديشان في الحين ، مشى ومشى إلى أن وجد نفسه بحقول تاعكيت الخضراء قبل منتصف النهار. لارغبة لديه ليتأمل الطبيعة ، عيناه دائما في الأرض ، تائها في تأملاته ومناجاته ، روحه وأفكاره تهيمان بدون توقف ليستقر في النهاية على قرار يقفز في ذهنه منذ مدة طويلة ، الفكرة التي من أجلها سيترك كل شيء ويسقطه من حسبانه ليعود للعيش قرب محبوبته وسط عائلته وفي قبيلته . أريد ، محدثا نفسه ، أن أعيش حياة كريمة ، حياة أسلافي ، حياة شاقة صحيح ولكنها تخلو من الأنانية والكذب . تعبت من حياة الحضر التي تنظر إلى القشور ، الجانب البراق للأشياء ولاتنظر إلى الجوهر. بتاغزوت ، مع تضامن وتآزر الأهل لن أحتاج شيئا أنا متأكد . عندنا سأجد الإرتباط بكل شيء وبفخر ، طعم الأرض ، الغابة ، نداء حقول بلدتي ومسقط رأسي ، كل هذا يدفعني لأترك المنصب في الوظيفة العمومية . سأستغني عن راتبهم الهزيل . فجأة تهب ريح هوجاء غمرت أوعديشان بغبار أبيض قادم من قرية آسكا وأسقطت من رأسه القبعة مرارا واستحالت الرؤيا أمامه . بعد هذه العاصفة والتي دامت زهاء نصف ساعة يسير أوعديشان بخطى حثيثة نحو منزل صديقه بائع الدجاج . يدخل الغرفة ويطوي على عجل أغراضه في جراب السفر . إستأذن صديقه واتجه حيث تركن ناقلة أوريبان . نظر إلى متاعه القليل وقال في حسرة : هذا ما جنيته خلال ثلاث سنوات من العمل . لاشيء ، خرجت عاريا من هذه التجربة ! علم من المسافرين من أهل البلد أن زواج نجلة أوجغرور من الشيخ أوباو سيتم وأن حفلة الزواج ستقام في 15 يوليوز . تلقى هذه المعلومات كسطل بارد وأذهله ما سمع . تلاشت الفرحة التي غمرته وقد إتخذ قرار العودة ليعيش بمسقط رأسه ، كاد يصرخ لكنه تماسك . قوة داخلية رجته وقال محدثا نفسه : لن أستطيع أن أمكث ، هنا ، دون أن أفعل شيئا ، وأية وسيلة أملكها لأخلصها ؟
عند وصوله إلى تاغزوت ، وبدل أن يدخل إلى منزله ، قرر أن يواصل طريقه عند أيت باسو. لازال يذكر وعد عائشة باسو ، ومنذ عدة شهور، أن تفعل ما بوسعها لتساعدهما في تحقيق حلمهما. رغم الغصة التي تكاد تخنقه لم يفقد الأمل. يهدأ ويستجمع كل قوته ليجد حلا لمشكلته . على الطريق ، الخطة التي كثيرا ماحبكها وتدرب عليها تموج بذهنه وتفكيره وتفرض عليه مساعدة محبوبته على الهروب ليلة الدخلة . يسرع الخطى حتى لايبدد دقيقة من وقته الثمين . يصل عند أيت باسو وقت العشاء . بعد تبادل التحية المعتادة بحرارة أشارت عليه عائشة ليجلس بجوارها . على الجانب الآخر من المائدة الوطيئة هناك رابحة ، حجو، علي أوتمغارت ومحا والأطفال يجلسون إلى الشيخ انبارش في غرفة أخرى . أيت باسو يتقاسمون أكلة من السميد المغلي في الحليب . رابحة تقدم للضيف طبقا ساخنا . لاشهية لديه . العائلة كلها تحثه على الأكل . يعب جرعات و فجأة يضع الطبق من يده . بعد الأكل توجه عائشة باسو الكلام إلى أوعديشان : لقد تذمرنا كثيرا في الأيام الأخيرة لما بلغنا نبأ تاريخ الزواج . فكرت بك وأرسلت لك أرقاص ( مبعوث ) ولم يجدك بستشفى ميدلت . جيد أنك هنا الآن لنرى جميعا ماعلينا فعله قبل فوات الأوان . أوعديشان يحرك رأسه بالموافقة على كل ماتقول العجوز. يهرش رأسه قبل أن يقول : حسن خالتي عائشة يجب كما تقولين المرور إلى الفعل. ماذا تقصد يسأله على أوتمغارت . أوعديشان يتقاسم معهم خطة تهريب تاسكورت ليلة الدخلة. يجب عليكم أن تمدوا لي يد المساعدة. عليك أن تعتمد علينا ، تجيبه عائشة باسو. آه أخشى أن لاتنجح خطتنا ، أمر الهروب صعب على فتاة ، يقول علي أوتمغارت متشككا . مهما كانت الصعوبة ، تتدخل حجو. أظن أننا لن نفشل ، تضيف رابحة وابتسامة الرضا ترتسم على محياها. على كل حال وإن كان لابد من الفشل علينا أن نجرب حظنا ، يقول أوعديشان وابتسامة ثأر على شفتيه . قضى أوعديشان وأيت باسو هزيعا من الليل في وضع اللمسات الأخيرة للخطة .
مراسلة – سلمات – أرض بلادي