جريدة أرض بلادي -هيئة التحرير-
أعادت فاجعة مصرع24 شخصا في حادثة سير بإقليم أزيلال الحديث عن واقع النقل وظروفه في العالم القروي، لأنها ليست الحادثة الأولى التي تودي بحياة رُكاب اختاروا التنقل في عربات “النقل المزدوج” و”الخطافة” لعبور تلك المسالك الجبلية لقضاء حوائجهم.
الفاجعة ذكّرت بحوادث مماثلة عاشتها المناطق القروية والجبلية، إذ عرفت مصرع أبرياء ألِفوا التنقل بهذه الوسائل بين قراهم ومداشرهم، لعل آخرها مصرع 15 شخصا بسبب انهيار الأتربة فوق العربة التي كانت تقلهم من على أحد جبال إقليم الحوز في 2019.
محمد الديش، المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل، يرى أن عوامل عديدة تساهم في ما يعرفه العالم القروي من حوادث، إذ قال إن أول هاجس هو البنيات التحتية التي تُصعب التنقل، خصوصا مع الطابع الجبلي الذي يُميز العالم القروي.
وبحسبه، ضمن تصريحه لـSNRTnews، فإن عددا كبيرا من المسالك يصعب التنقل عبرها، بسبب منعرجاتها والتواءاتها، في وقت تكون أغلبها في حالة مهترئة وسيئة.
ويتفق في المقابل مع أن جانب المسؤولية حاضر في هذه الحوادث، إذ لا يعي سائقون بأن على عاتقهم مسؤولية حماية أرواح المواطنين وينطلقون بسرعة غير قانونية ويكون هاجسهم هو نقل أكبر عدد من الركاب.
وطالب المتحدث نفسه بتكثيف عمليات المراقبة، وتشديد إجراءات الزجر في حق السائقين المخالفين للقانون، مشددا على أن مسؤولية الجماعات الترابية والمجالس الجهوية تستدعي توفير بنيات تحتية صالحة للتنقل.
من جانبه، يرى محمد اجديرة، رئيس المرصد العلمي للدراسات في الحكامة والتدبير، أن الاهتمام ينصب على المدن والمناطق الحضرية، أكثر من العالم القروي، وأنه لا توجد مراقبة لوسائل التنقل ولا يتم تجديد أسطول النقل.
وأوضح، في تصريح لـSNRTnews، أن المواطنين يتنقلون بأي وسيلة يجدونها أمامهم، ولا يختارون بين العربات المرخص ليها وغير المرخص لها لأنه الحل الوحيد لقضاء أغراضهم، مضيفا أن جماعات ترابية “لا تقوم بدورها في هذا الشأن”.
وفي نظره فإن برامج عمل جماعات لا يتماشى مع متطلبات ساكنة العالم القروي، ولا يوجد تشارك في تدبير السياسات العمومية، مطالبا بـ”نمط تشاركي بين القطاعات والمجتمع المدني”.
ويأتي الحادث أياما على تصريح لوزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، قال فيه إن العالم القروي لا يتوفر على وسائل تنقل كما تريد الوزارة الوصية، مضيفا أنها تسعى، بتنسيق مع وزارة الداخلية، إلى مواكبة المجالس الجهوية، لتقوم باختصاصاتها في مجال النقل كما يحدد القانون.
وبلغ عدد رخص النقل المزدوج في العالم القروي 3875 رخصة، بحسب آخر إحصائيات الوزارة، والتي أشارت إلى أن سنة 2022 عرفت منح خمس رخص فقط وأن 33 في المائة من هذه الرخص هي التي يتم استغلالها، كما قال الوزير، في جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب.
وسجل الوزير أن الحكومات المتتالية تطرقت إلى مشكل النقل في العالم القروي، حيث اعتمدت مبادرات منذ سنة 1986، من خلق النقل المزدوج وإصدار دوريات واعتماد دفتر تحملات لتأطير النقل، وكذا إنجاز دراسات في 58 إقليما للوقوف على احتياجات كل إقليم، وإعطاء الأولويات للملفات التي تنتظر المعالجة من طرف لجنة النقل بعد أخذ الموافقة من اللجان الإقليمية.