فاطمة الحارثي… أيقونة المقاومة التي قدّمت الحليب لمحمد الخامس وواجهت الاستعمار بثلاث لغات

جريدة أرض بلادي – عبد المجيد العزيزي –

في زمنٍ كانت فيه البنادق تُدوّي، والحرائر يُسطّرن التاريخ في صمت، برز اسم فاطمة الحارثي كواحدة من نساء المغرب اللواتي قدّمن أنفسهن فداءً للوطن، وكتبن صفحات مشرقة في سجل المقاومة الوطنية. من منطقة الخميسات انطلقت مسيرتها، تلميذةً وفيةً في مدرسة النضال إلى جانب والدها، المقاوم الشجاع الذي زرع فيها بذور الوطنية والتمرّد على الاستعمار.

لم تكن فاطمة مجرد شاهدة على المرحلة، بل فاعلة أساسية فيها. شاركت في المعارك، قدّمت الدعم اللوجستي للمقاومين، وكانت اليد اليمنى لأمها في إسعاف الجرحى، وتطوّعت في التعليم والتمريض لتساهم في بناء جبهة داخلية صلبة. تضحية بالروح والمال، وإيمان راسخ بقضية الاستقلال، جعل منها واحدة من الأصوات النسائية التي لا يمكن أن تُنسى.

 

واحدة من أبرز اللحظات التي حفظها التاريخ، حين قدّمت صحن الحليب والتمر للملك الراحل محمد الخامس، في استقبالٍ تاريخي يُجسّد رمزية العلاقة بين الشعب والعرش. لم يكن ذلك مجرد استقبال، بل كان بمثابة عهد وفاء وولاء لرمز الأمة.

تنقلت فاطمة الحارثي في ربوع المغرب إلى جانب والدها، تعاملت مع مختلف الجنسيات، وتحدثت بثلاث لغات: العربية، الفرنسية، والإسبانية، مما جعلها صوتًا مؤثرًا داخل وخارج جبهات المقاومة.

إن فاطمة الحارثي ليست فقط امرأة من زمن مضى، بل نموذج حيّ لقدرة المرأة المغربية على التغيير، والمشاركة الفعلية في صياغة مستقبل البلاد. بصمتها في تاريخ المقاومة النسائية لن تُمحى، بل تبقى منارةً تهتدي بها الأجيال القادمة في دروب الكرامة والسيادة.