فيديو : تحرير الملك العمومي: بين حقوق المواطنين وأهمية التنظيم الحضري

جريدة أرض بلادي -امين –

تشهد المدن المغربية وغيرها من المدن في العالم بشكل عام عمليات لتحرير الملك العمومي، وهي عمليات تقوم بها السلطات المحلية لإزالة التجاوزات على الملك العمومي الذي يُقصد به المساحات المشتركة التي يجب أن تكون متاحة للجميع، مثل الأرصفة والشوارع والساحات. تُثير هذه الحملات غالبًا جدلاً واسعًا بين السكان، حيث تتقاطع حقوق التجار والمواطنين مع الحاجة إلى تنظيم حضري فعّال يُحسّن من جودة الحياة في المدن ويعزز احترام القوانين.

 

تتنوع الأسباب التي تدفع السلطات إلى القيام بحملات تحرير الملك العمومي، ومن أهمها:

1. ضمان سلامة المارة: تُمثل الأرصفة والشوارع العامة مساحات يجب أن تبقى مفتوحة وآمنة للمارة، خاصة كبار السن والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة. بناء الأكشاك أو نصب المظلات العشوائية يمكن أن يؤدي إلى تضييق الرصيف، مما يعيق حركة المواطنين ويعرضهم للخطر.

2. تحقيق التنظيم الحضري: تتطلب المدن الكبرى إدارة فعّالة للمساحات العامة. فالعشوائية في استعمال الملك العمومي قد تؤدي إلى انتشار الفوضى وتدهور جمالية الأحياء والشوارع. وتأتي هذه الحملات كوسيلة للحد من هذه الفوضى وتقديم صورة حضارية متناسقة للمدن.

3. تعزيز العدالة بين المواطنين: يؤدي احتلال الملك العمومي بشكل غير قانوني إلى خلق نوع من التمييز بين المواطنين، حيث يستفيد البعض بشكل غير قانوني من المساحات المشتركة على حساب الآخرين. تحرير هذه المساحات يُعيد التوازن ويضمن حقوق الجميع في الاستفادة من الفضاءات العامة.

 

رغم أهمية تحرير الملك العمومي في تعزيز النظام العام، فإن هذه الحملات تؤثر بشكل مباشر على حياة العديد من الناس، وخاصة أصحاب المحلات والتجار الصغار الذين يعتمدون على هذه المساحات لعرض بضائعهم وكسب لقمة عيشهم. بالنسبة لهم، يُعتبر الملك العمومي بمثابة “فضاء اقتصادي” حيوي.

 

في بعض الأحيان، يُعبر التجار عن استيائهم من هذه الإجراءات بسبب ما يصفونه بغياب البدائل. إذ يرون أن إزالة الأكشاك أو المظلات تعني فقدان جزء كبير من زبائنهم الذين كانوا يترددون على المحلات بسهولة. كما أن هذه الإجراءات تأتي أحيانًا دون إشعار مسبق، مما يتركهم في حالة من الإرباك.

 

لتحقيق توازن بين الحاجة إلى تحرير الملك العمومي وحقوق التجار والمواطنين، يمكن للسلطات المحلية اتباع مجموعة من الحلول والمقترحات:

1. توفير بدائل قانونية للتجار: يمكن للسلطات أن تُخصص مساحات قانونية للتجار الصغار، سواء من خلال أسواق محلية مُنظمة أو أكشاك مرخصة في أماكن محددة، مما يتيح لهم الاستمرار في عملهم بشكل قانوني ومنظم.

2. التوعية قبل الشروع في التحرير: من الضروري أن تسبق عمليات تحرير الملك العمومي حملات توعوية تهدف إلى شرح أهمية الخطوة وتأثيرها الإيجابي على الجميع، وتشجيع المواطنين على احترام الملك العام.

3. التطبيق العادل للقوانين: يجب أن تكون عمليات تحرير الملك العمومي شاملة وعادلة، بحيث تشمل جميع التجاوزات بدون استثناء، وذلك لتجنب الشعور بالتمييز بين المواطنين.

 

إن تحرير الملك العمومي ضرورة ملحة لضمان تنظيم المدن وتحقيق العدالة بين المواطنين، ولكنه أيضًا يتطلب توازناً وحلولاً تحفظ حقوق الجميع، سواء من خلال توفير بدائل مناسبة أو تنفيذ هذه العمليات بشكل عادل وتشاركي. ويظل دور التوعية والتواصل بين السلطات والمواطنين أساسيًا لإنجاح هذه المبادرات وضمان التزام الجميع بقوانين الملك العمومي.