ارض بلادي _تحرير /نصيرة بنيوال
مع نهاية شهر أكتوبر، الذي يسلط الضوء على التوعية بسرطان الثدي، تبرز الحاجة الملحة لدعم النساء المصابات من جميع الجوانب، وخصوصاً الجانب النفسي. يؤكد الدكتور عبد الرحيم فايق دخيسي، أخصائي الطب النفسي، أن الدعم النفسي يعد جزءًا أساسيا من العلاج، حيث يعزز قدرة المريضات على مواجهة المرض و التغلب عليه. إن العلاج الفعّال لا يقتصر على الأدوية، بل يتطلب توفير الدعم من الأطباء والممرضات، فسرطان الثدي ليس مجرد مرض عابر، بل هو حالة تحتاج إلى خطة علاج واضحة و منهجة حسب كل مريضة .
التحديات النفسية للمريضات
عندما تتلقى المرأة تشخيص إصابتها بسرطان الثدي، تواجه تحديات نفسية كبيرة، مثل القلق والاكتئاب و الخوف من المستقبل. هنا، يبرز دور الإنصات الفعّال والتعاطف دون إصدار أحكام كعناصر أساسية لدعم المرأة، حيث يساعدانها على التعبير عن مخاوفها و مشاعرها. من الضروري أن يفهم المجتمع أن سرطان الثدي ليس وصمة عار، بل هو مرض يحتاج إلى الحوار و الدعم، مما يقلل شعور العزلة لدى المريضات.
كيفية إبلاغ المرأة بتشخيص المرض
تعتبر لحظة إبلاغ المرأة بتشخيص سرطان الثدي من أصعب اللحظات التي يمكن أن تواجهها، وتتطلب نهجا حساسا ومدروسا. ينصح الدكتور فايق بالاختيار بعناية لمكان الإبلاغ، وبناء ثقة قوية بين المريضة والطبيب، مما يمنح المرأة شعورا بأنها ليست وحدها في مواجهة هذا المرض. يجب أن يكون الطاقم الطبي مؤهلا لتقديم شرح شامل حول خيارات العلاج، مما يخفف من مشاعر القلق.
يتعدى دور الطاقم الطبي الرعاية الطبية، لذا يُنصح بإجراء دورات تدريبية خاصة بمهارات التواصل للأطر الطبية و الشبه طبية في جميع جوانب الرعاية الصحية. من المهم أن يتفهم جميع أفراد الفريق الطبي و كل عامل بالمؤسسات الصحية أهمية المعاملة الإنسانية….
دور الزوج والمجتمع في دعم المرأة
للزوج دور حيوي في دعم زوجته خلال رحلتها مع سرطان الثدي، خاصةً عندما تواجه تغييرات جسدية ونفسية كبيرة بعد استئصال الثدي. فقدان الثدي يمكن أن يؤثر بشكل عميق على ثقة المرأة بنفسها وصورتها الجسدية. يحتاج الزوج إلى تقديم دعم عاطفي حقيقي، وتشجيعها على الحفاظ على ثقتها بنفسها.
التعبير عن الذات والتحديات
تعتبر الأنشطة مثل التعبير عن الذات وسيلة قوية لمساعدة المرأة في التغلب على مخاوفها وتحدياتها. يمكن لكل امرأة اختيار الطريقة التي تجد نفسها فيها، سواء كانت الكتابة أو الرسم أو الموسيقى. توفر هذه الأنشطة منصة للتعبير عن المشاعر وتخفيف الضغوط، مما يعزز من روح الأمل والتفاؤل. من المهم تشجيع النساء على مشاركة قصصهن وتجاربهن، فكل تجربة تحمل في طياتها دروسا وقوة.
تحديات الخيانة العاطفية
يشير الدكتور عبد الرحيم فايق بمرارة إلى النسبة المرتفعة من الرجال الذين يتخلون عن زوجاتهم في رحلة علاج سرطان الثدي، مما يزيد من شعورهن بالعزلة والخذلان. وفي المقابل، تبرز المرأة العربية الأمازغية ، المغربية الأصيلة التي تظل سندا لزوجها في مواجهة المرض، و لا تتخلى عنه إلا في حالات نادرة جدا . ومن خلال تجربته في أوروبا، خاصة في فرنسا، بلجيكا، وهولندا، لاحظ الدكتور أن الرجال هناك يظلون بجانب زوجاتهم طوال رحلة الشفاء، مؤكدين تضامنهم و دعمهم العاطفي، مما يعكس ثقافة الالتزام والمسؤولية المتبادلة في أوقات الشدة.
دور الأسرة والمجتمع
تلعب الأسرة والمجتمع دورا حيويا في توفير الدعم النفسي للنساء المصابات بسرطان الثدي. يشدد الدكتور على أهمية معاملة الأسرة للمصابة كأي فرد آخر، مع ضرورة عدم نسيان حالتها المرضية. وأكد على أهمية الاستمرار في دعمها نفسيا واجتماعيًا لتسهيل تجاوزها هذه المرحلة.
يجب كسر حواجز الخجل الاجتماعي المتعلقة بهذا المرض من خلال تعزيز الحوار والتحدث بصراحة عن التحديات التي تواجهها المريضات. تعتبر التوعية في المجتمع عنصرا أساسيًا لمساعدة النساء على مواجهة التحديات، فالتحدث عن سرطان الثدي بشكل مفتوح يعزز من قدرة المرأة على مواجهة محنتها. تنظيم فعاليات توعوية تساهم في تعزيز الدعم المجتمعي للمريضات يعد خطوة ضرورية.
دعم المرأة من خلال التعبير الفني
كذلك، يعد التعبير الفني عن مشاعر المرأة المصابة مهمًا، سواء كان ذلك من خلال الكتابة، الرسم، النحت، تصميم الأزياء … كما أن تنظيم ملتقيات ثقافية مسرحية وغنائية داعمة يمكن أن يكون له تأثير كبير على الحالة النفسية للمرأة. فقد أثبتت الدراسات أن سماع الموسيقى له أثر إيجابي على الشفاء.
برنامج الدعم في المناطق النائية
يؤكد الدكتور عبد الرحيم فايق على ضرورة توفير الدعم النفسي للنساء المصابات بسرطان الثدي في المناطق النائية. يجب أن يشمل هذا الدعم خدمات نفسية مباشرة، تنظيم ورش عمل و مجموعات دعم، و زيادة الوعي حول المرض في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، من المهم تسهيل الوصول للعلاج وتوعية الأسر حول كيفية دعم المريضات. التعاون المجتمعي هو الأساس لضمان حصول كل امرأة على الرعاية اللازمة في هذه الظروف الصعبة.
دور الدولة والمجتمع
تؤكد أهمية دور الدولة في دعم النساء المصابات بسرطان الثدي من خلال توفير الخدمات الصحية و الدعم النفسي و الاجتماعي، برامج تأهيل شاملة .. يجب أن تتبنى الحكومة سياسات تدعم البحث و التطوير في مجال علاجات سرطان الثدي، و توفر برامج توعية أكثر للمجتمع حول هذا المرض.
رسالة أمل
في ختام حديثه، أرسل الدكتور عبد الرحيم فايق رسالة أمل قوية لكل امرأة تعاني من سرطان الثدي. قال : “يا عزيزتي، أنتم لستم وحدكم في هذه المعركة. كل تحد تواجهينه هو خطوة نحو الشفاء. كل شعور بالضعف يمكن أن يتحول إلى قوة، و كل نظرة شفقة يمكن أن تتحول إلى دعم حقيقي. أنتِ رمز للأمل و الشجاعة، ودائما هناك ضوء في نهاية النفق . اجعلي من كل لحظة فرصة للتعبير عن نفسك وللقتال من أجل حياتك.”
إن تعزيز الوعي و الدعم النفسي والاجتماعي للنساء المصابات بسرطان الثدي هو التزام إنساني واجب على الجميع. كل امرأة تستحق الدعم و التفهم، و ينبغي أن يُسمح لها بالتعبير عن مشاعرها دون إصدار أحكام . نشكر الدكتور عبد الرحيم فايق دخيسي على إسهاماته القيمة، و نتمنى أن نعمل جميعا على توفير بيئة داعمة للنساء في رحلتهن نحو الشفاء.