قراءة في نتائج انتخابات الغرف المهنية

ابراهيم مجد _جريدة أرض بلادي_

أسفرت نتائج الاستحقاقات المهنية ليوم سادس غشت 2021، عن تراجع كل الأحزاب السياسية في عدد المقاعد المحصل عليها باستثناء حزب الاستقلال الذي تقدم، بثبات، خطوة صغيرة جدا نحو الأمام وحزب التجمع الوطني للأحرار الذي تضاعفت عدد مقاعده بنسبة تقارب المائة في المائة.

ويرى البعض بأن انتخابات الغرف المهنية ليست إلا حركات تسخينية للاستحقاقات التشريعية والجهوية والجماعية الوشيكة، وبأنها بداية لرسم الخريطة السياسية للفترة القادمة في حين يستبعد آخرون الاعتماد على نتائج الغرف المهنية للتكهن بالنتائج المستقبلية للعمليات الانتخابية، لكون انتخابات الغرف المهنية قد التصقت بها دوما ظاهرة نسبة المشاركة الضعيفة، وكذا نزوح بعض الأحزاب السياسية إلى عدم وضع كل البيض في سلة واحدة.

غير أن المؤكد من خلال نتائج اقتراع السادس من غشت هو بداية رسم معالم الغرفة الثانية والتي تعتبر الغرف المهنية من أهم روافدها بسبعة مستشارين من الغرف الفلاحية وستة مستشارين من غرف التجارة والصناعة ومستشارين اثنين من غرف الصيد البحري.

معطى آخر لا يمكن الحكم على تكراره وتواتره في الاستحقاقات المقبلة وهو اكتساح النتائج من طرف الحزب الذي ينتمي إليه وزير القطاع، ذلك أن قطاع الجماعات يشرف عليه وزير معين ومجلس النواب مستقل ورئيسه ينتمي لحزب لازال في طور تضميد جراح لعنة الانقسام والانشقاق الذي رافقه منذ أيام الرفاق وترميم ما جره عليه تحمله لمسؤولية قيادة الحكومة قبل أكثر من عقدين من الزمن.

وقد كرست نتائج الغرف المهنية التواجد الوازن للأحزاب الكلاسيكية مثل التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، وبدرجة أقل قوة؛ أحزاب الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، في حين عرف حزب العدالة والتنمية ما يشبه الاندحار، على غرار ما حصل في انتخابات ممثلي الموظفين، ورغم أن الغرف المهنية لا تعتبر من معاقل هذا الحزب ورغم تغطيته لنسبة ضئيلة من الدوائر الانتخابية، فإن خسارة 147 مقعدا ليست بالأمر الهين.

ومهما اختلفت القراءات والتوقعات فقد أصبح واضحا بداية رسم خريطة سياسية جديدة تسمح بعودة أحد الأحزاب الكلاسيكية (الاستقلال أو الأحرار) لقيادة الحكومة المقبلة بتحالف مع حزبين كبيرين وبعض الأحزاب المتوسطة، ومن المتوقع بالمقابل تموقع حزبين كبيرين آخرين على الأقل في المعارضة بقيادة العدالة والتنمية والبام وبالتالي عودة المعارضة البرلمانية لبريقها الذي خفت منذ أكثر من عشرين سنة.

ويبقى الغائب في كل التحليلات المرافقة للاستحقاقات الوطنية هو عدم تأطير شكل ومضمون التعاقدات الانتخابية بين الناخب والمنتخب لقياس أداء المنتخب ونجاعة البرنامج الانتخابي، وهو ما يجعل الناخب يصوت مقابل خدمة اجتماعية أو وساطة إدارية أو مقابل أي شيء، عدا مقابل برنامج متكامل الأركان، يتوقف عليه مستقبل أمة وبلد بكامله.