جريدة أرض بلادي
نعيم
لردح من الزمن عاشت القردة في مكان خصيب، وافر الماء والغذاء.
تدريجيا اقتحمت حيوانات مفترسة المكان، ففرت القردة مذعورة نحو مستقر آخر، قليل الغذاء، شحيح المياه.
مرت سنوات على هذا النزوح، فتناقلت القردة جيلا بعد جيل ذكرى نعيمهم المفقود.
بعد هذا الزمن الطويل، كلما مات قرد، اعتقد باقي القردة أن روحه ستعود –بلاريب- إلى أرض الأجداد تلك وافرة الخصب.
تلوث
لمدة طويلة راقب القرد النهر، فلاحظ أن التمساح الكامن في الأعماق يظهر في أوقات متباعدة لينقض على كل حيوان قاده العطش نحو ماء النهر.
بعد تفكير طويل قرر القرد أن لا يشرب من مياه النهر إلا حين ينشغل التمساح بفريسة جديدة.
نجح القرد في مسعاه و تجنب أنياب التمساح الحادة.. شيء واحد أثقل على قلبه، لقد كان يشرب مياه ملوثة بدماء فرائس التمساح.
مرور
في أرض القردة، مزمجرة و مكشرة عن أنيابها مرت جماعة من الذئاب مهرولة، فجفلت القردة وانتفضت هاربة نحو أعالي الشجر.
حين عبرت الذئاب المكان بحذر عادت القردة نحو مكانها، لكن في مخيلتها نحت بعمق أن الذئاب قد مرت من هنا.
مزحة
أمسكت السماء ماءها، فجفت الينابيع وقلت الثمار. تداولت القردة فيما بينها، فقررت الهجرة إلى حيث يوجد الماء و الغذاء.
حين عزمت على تنفيذ ما اتفقت عليه، نظرت السماء إلي قطيع القردة وقالت ” لم أكن جادة في ذلك، فقط كنت أمازحكن”..
ابتسمت السماء ثم أغرقت الغابة مطرا.
هجرة
استطاع رجل أن يهرب قردا محليا نحو أوربا. هنالك وفي غفلة من الرجل فر القرد نحو الغابة.. بحث عن بنات جنسه من القردة. بعد عناء كبير وصل إلى وجهته.. تجمعت القردة من حوله تتطلع بفضول إلى هذا الوافد الجديد. تأملته القردة مليا، ثم ما لبثت أن انفضت بهدوء من حوله ودون أن تصيبه بأذى.
جال القرد في الغابة فهاله كثرة الثمار وتنوعها.
حينذاك فقط انشغل القرد بالتفكير في وسيلة لاستقدام عشيرته من القردة التي خلفها وراءه نحو الضفة الشمالية.