جريدة أرض بلادي-رضوان جميلي-
جملة متداولة عند كثير من المغاربة وهي تضرب مثلا للتعبير عن دلالة واضحة هي ان كل واحد منا هو ادرى بحاله من غيره .. وهي حكمة تفيد ايضا، على مستوى العلاقات والمعاملات، ان كل تدخل فردي أو جماعي لا يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات والأوضاع الشخصية لن يفيد كثيرا وهو مرشح اكثر للفشل ..
لكن دعونا نعرف ما دخل البراد في كل هذا.. نحن نعلم ان جلسة الشاي المغربي، كما سبق وأن كتبت مرات، كانت إلى وقت قريب ندوة يومية لتبادل الأخبار والمعارف والتجارب البلدية، تجمع كل افراد العائلة برآسة كبيرها، الاب او الجد، الذي حوله تتحلق الأجيال بشكل تراتبي معروف .. يتم أثناءها تهييء الشاي على مهل في حيز زمني مهم قد يقصر نسبيا او يدوم مطولا حسب المناطق، من ساعة وساعتين و إلى الساعات الطوال كما هو الحال في الجنوب المغربي، الذي يعني عندهم مصطلح “نتييو” الممتد عشية أو ليلا في جلسة سمر و تفكه و هزل خفيف و تداول للشعر والحكم عبر الأجيال..
قياس البراد مختلف باختلاف حجمه ومكوناته و حسب ايضا الذوق الجمعي المحلي أو القبلي .. فالبراد لعروبي من خصائصة الكبر، و كذلك الكيسان لهم حجم كبير مقارنة بالبراد والكؤوس الصحراوية الصغيرة الحجم..
مكونات الشاي العروبي لا بد وان تضمن أربعة أشياء، “ما طايب بالسبولة”، واتاي بجودة حسب المستطاع واحسنه اتاي الشعرة، و نعناع معاشي أو احرش بنكهة نفاذة تشم من بعيد، و سكر قالب لا مسحوق السكر أو السانيدة وحتى المقرط لم يكن يدخل كثيرا للخيمات العربية صمن القفة الاسبوعية..
الشاي الصحراوي يحتاج لجمر قليل و شاي رفيع و سكر قالب أيضا، لكنه لا يحتاج ضرورة للماء الساخن، بل يوضع الماء بكمية قليلة والشاي بكمية كثيرة في براد صغير ويترك مباشرة على الجمر. يبقى فوقه حتى يتمازج المحتوى و “يطلع” الذوق مع كثير من “المراجعة” في كل الكؤوس الصغيرة حتى تصبح الرغوة تغطي نصف الكؤوس وأكثر، آنذاك يقدم لك منه “دكة” في قاع كأس صغير، لكنه مر المذاق لا يستطيعه ويتذوقه كل من ألف الكاس الأول والكأس الثاني و”شدك ديال الخبز” .. أيضا، وهذا مهم، فتحظير الشاي الصحراوي لا يحتاج للنعناع لأن في عرفهم ” اتاي الرفيع ما يحتاج الربيع “. النعناع عندهم مجرد ” ربيع” …