جريدة ارض بلادي _إلهام جراد _
كنت يوما جنينا سمكة أعيش في حوض الرّحم أنام وأستيقظ وأتغذى وألعب وأبتسم وأحلم وألقي بجميع فضلاتي في ذلك الماء الطّاهر الرّباني .
شعرت أمّي بالوجع وضعت يدها على بطنها تتحسّسني وبذلك تسألني عن أحوالي فأجيبها بتحركاتي أنّني هنا بداخلها أنتظر موعد اللّقاء .
يزداد وجعها يأخذنا أبي للمستشفى .
وزلزلت بطنها زلزالا وشعرتُ أنّها الآخرة وأنّ كلّ شيء حولي سيُدَكّ دكّا وسيفجر الحوض فيفيض الماء ويعوم الطوفان وسيغرق الجميع وأنجو أنا بقدرة القادر المقتدر …
خفت كثيرا عندها وانقبض قلبي رهبة من عالم يتنفسون فيه الهواء وإذ بالحياة تركلني ركلة قاضية وصرخت أمّي صرخة مدوّية وساد الصّمت لحظة كانت هي الفاصلة بين الآخرة والأولى..
بكيت عندها أنا وفرحت أمّي ومَن حولها فالمعاني تختلف حسب معطياتها وبكائي في ذلك الظرف علامة صحيّة يسعد لها من أحبك قبل أن يلقاك..
تقول أمّي أنني كنت كالوردة جميلة وما سمعنا أمّا تقول غير ذلك عن مولودها فحتى القرد قالت عنه أمّه غزالا وكانت عينا أمي هي مرآتي فرأيتني كما رأتني ملاكا جميلا رائحته مسك وبقيت على صدرها وبين أحضانها أتوسّد الحّب واتنعم به وشعرت أنّني آدم وقد بعثني الله خلقا جديدا لأعيش في نعيم الجنّة، لم تدم حالة الراحة تلك كثيرا فقد كانت ترافقني الحياة في كل اللحظات تشعرني بالجوع فأبكي بالمغص فأبكي بالبلل فأبكي كنت فعلا بكاءة وتنفي أمي ذلك وتقول أنني كنت ملاكا طاهرا هادئا ولم أرهقها في صغري أبدا كما تقول أغلب الأمهات …
كبرت بعدها يا أحبتي والحياة تصر أن تركلني من حين لآخر تذكرني بوجودها الطفولي فهي لا تريد أن تكبر باقية هي نفسها كما عهدتها في الرحم تلعب دون ملل وتغضب ان لم تربح فتنغص علي فوزي ولا تسعد الا اذا أبكتني …. أعود الى الحب الى أمي وانحني بين أقدامها واقول أنا فداك يا غالية واذ بي أشتم رائحة المسك في حضرتها وقد اهداها الله جنة يوم ميلادي فالجنة تحت اقدام الأمهات فلا تحرميني أمي من رضاك ودعواتك التي بها أستغيث لتلطيف الابتلاءات وجني الحسنات
بتاريخ هذا اليوم ولدت 12 سبتمبر لسنة 1972 كبرت وتقدّمت في السنّ شيئا فشيئا أقترب من الحكمة والسكينة وصرت أرى الجمال والسعادة في باطن كل تفاصيل الحياة ، عشت بالحب وبالحب سأعيش وأنهي كلماتي فأقول لكم احبتي “كل الاعمار جميلة ” و لنا أن يكون كلّ يوم في حياتنا يوم ميلاد جديد .