لمحة تاريخية عن زاوية ايت اسكوكو للفقيه سيدي عمر المرابطي ببرياخ اكلموس إقليم خنيفرة

جريدة أرض بلادي_خنيفرة_

الحسين اكضى_


مازالت جوانب متعددة من تاريخ إقليم خنيفرة لم يكتب بعد، بل يحتاج إلى معول النبش و البحث لتعرية حقائق تاريخية طمست و طالها النسيان، و من التراث الديني للمنطقة التي تعاقبت عليها زوايا تحولت أدوارها من ماهو ديني إلى علمي و سياسي، و في هذا الإطار برزت الزاوية الدلائية بعد انهيار الدولة السعدية و منها انتقلت الى زاوية ايت ايحن باروكو التي تحدث عنها المؤرخ ابو قاسم الزياني باعتبارها كانت مدرسة علمية تخرج منها العلامة سيدي علي ابراهيم جده الذي كان أمام السلطان مولاي إسماعيل، و على أنقاض ضريحه أسس احفاده لزاوية سيدي علي اوبراهيم قرب عيون ام الربيع، أدت أدوار علمية و دينية و اجتماعية و سياسية، و استمرارا لهذه الرسالة العلمية بعد ذلك، و نظرا لإعادة الاستقرار إلى منطقة ازغار أسس الفقيه سيدي عمر المرابطي الذي ينتمي فصيل ايت سيدي عبد العزيز للقبائل امرابضن المنضوية تحت لواء كونفيدرالية ايت اسكوكو زاوية في عهد حكم السلطان مولاي الحسن وايام حكم امغار موحى اوحمو الزياني على القبائل الزيانية. و من خلال مجموعة من المقابلات كانت فردية أو جماعية التي أجريتها مع عدد من شيوخ وفقهاء منطقة ايت اسگوگو وخاصة الإمام سيدي عبد الرحمان العارف بتاريخ زاوية برياخ لأنه ابن أحد المؤسسين ألا وهو الفقيه سيدي محمد اوسماعيل البومزيلي، تبين أن زاوية سيدي عبد العزيز أسسها سيدي عمر المرابطي ببرياخ شمال زيان أواخر حكم القائد موحى أو حمو الزياني لقبائل زيان، وذلك أيام السلطان المولى الحسن الأول أواخر القرن 18م.
فإلى جانب تشبث أمازيغ زيان بعاداتهم وتقاليدهم إلا أنهم أشد الناس تمسكا بدين الإسلام، فرغم التنقلات التي كان هؤلاء يعرفونها بين السهل والجبل أي الانتجاع إلا أن خيمة المسجد (أخام نثمزكيدة) لم تفارقهم أين حلوا وارتحلوا، وكل قبيلة لها خيمة المسجد يسمونها سيدي جبريل، فأحسن وأجود الخيام كان لمسجد الزاوية، مجهز بفراش القطيفة الحمراء، و الزرابي المزركشة، ودائما مع ثور يحملها إلى أين ارتحلوا وحلوا.
فتأسيس الزاوية أو هذه المدرسة العلمية العتيقة كان على يد الفقيه والعالم سيدي عمر المرابطي وبإشارة من صديقه الفقيه سيدي محمد اوسماعيل ، حيث اتفقا الاثنين ببناء زاوية تكون مقصد طلبة القرآن والعلم، فسيدي عمر المرابطي اتفق على أن تكون عودته من رحلة طلب العلم من مدينة فاس، والآخر وعد بوقف ممتلكاته لبناء زاوية ببرياخ، وتفتح أبوابها في وجه المريدين والزائرين وطلبة العلم والقرآن، فبعد طلب الفقيه سيدي عمر مساندة من أهله بمال لطلب العلم بجامعة القرويين مكث بفاس حتى حصل على علم وافر، عاد إلى بلاده، وحط الرحال بتالت بأزغار عند أحد الرجال من قبائل ايت اسگوگو وقد تزوج من ابنته هذا الأخير، وبعد ذلك حكى له عن العهد الذي قطعه على نفسه مع صديقه محمد اوسماعيل قبل الرجل الفكرة وأعجب بها فقرر أن يرحل هو وأسرته بخيمته لتكون نواة الزاوية، بعث سيدي عمر إلى سيدي محمد اوسماعيل الذي هو في رحلة الصيف إلى جبل اوشنين، فعاد فقد اختاروا الموضع والموقع ببرياخ قرب عين ماء غزيرة فشيدوا كمرحلة أولى مسجدا ودار لطلبة القرآن، واتخذوا من الخيام مساكن لهم، واستقطبوا عدد كبير من الفقهاء، وبالأخص العلامة سيدي محمد العتابي وبعده الفقيه سيدي محمد القرقوري المرابطي. ومنذ ذاك الحين عرفت زاوية سيدي عبد العزيز أوج نشاطها الديني والعلمي.
وقد حكى لي الإمام سيدي عبد الرحمان أن محمد اوحمو كان يكن كل الاحترام والتقدير لأهل الزاوية بل الأكثر من ذلك كان يحث قبائل زيان الشمال بحبس أغنام، وأبقار، وزرع لتدبير أمور الزاوية، من مسجد وإمام، وطلبة وشؤون التغذية وبالفعل فيما بعد، أصبحت الزاوية تعج بمريدين ومسافرين، وطلبة حفظ القرآن والعلم، وكان للزاوية أراضي خصبة ومراعي، ورؤوس من الأبقار والأغنام، وخلايا النحل.
وكان الشيخ سيدي عمر مع الفقيه محمد اوسماعيل هما الساهرين والقائمين على هذه الاحباس، وأثناء الغزو الفرنسي لقبائل زيان بخنيفرة ونواحيها، هاجر أهل الزاوية إلى الجبال لمساندة المقاومين والمجاهدين، جماعة من طلبة علم وقرآن فقد نالوا نصيبهم من المقاومة والجهاد، حتى استسلموا، ورجعوا إلى برياخ وبدؤوا نشاطهم من جديد إلى أن توفي الفقيه سيدي عمر المرابطي، وتولى سيدي محمد اوسماعيل رئاسة أمور الزاوية إلى حين وفاته بسنين قليلة قبل الاستقلال. وبعده سار سيدي عبد العزيز ابن سيدي عمر علي نهج أسلافه بتولية أمر الزاوية الا ان وافته المنية.
و من هنا احث طلبة التاريخ الذين ينتمون إلى إقليم خنيفرة بالاخذ بالمبادرة بإنجاز بحوث عن تاريخ المهمشين بالإقليم. و ا لا بتعاد عن المواضيع المستهلكة .